
الطموح لا يحدّه عمرٌ، ولا سقف، فالعمر حقيقةٌ ما قدمت من انجاز، وبصمة تسطّرها على شريط حياتك، من ذلك المنطلق قرر خريج كلية الهندسة -قسم الهندسة المدنية في الجامعة الإسلامية بغزة محمود جحجوح أن يتفوق على أقرانه، وأن يجعل (31) ربيعًا من عمره تزهر ورودًا في حدائق العلم والعمل على مستوى عدد كبير من الجامعات والوزارات في عدد من الدول العربية والغربية.
المسيرة العلمية
حصل الخريج جحجوح على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية خلال أربعة أعوام دراسية بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف وترتيب الأول على كلية الهندسة بكافة أقسامها بمعدل تراكمي (95.5%) في العام 2010.
وفي العام (2012) حصل المهندس جحجوح على درجة الماجستير من الجامعة الإسلامية في تصميم وتأهيل المنشآت وبمعدل تراكمي (92.3%)، وترتيب الأول على الدفعة، فعمل معيدًا في القسم في ذات العام.
وفي العام 2016 حصل الخريج جحجوح على درجة الدكتوراة في هندسة الإنشاءات (تحليل وتصميم المنشآت) من جامعة هانوفسر في ألمانيا خلال ثلاثة أعوام، علمًا بأن متوسط البحث لنيل درجة الدكتوراة (لأبناء البلد) خمسة أعوام على الأقل.
الحياة العملية
وعن أبرز المناصب العملية التي حصل عليها الخريج جحجوح يقول:” أُدرجت ضمن لجنة التقييم المبدئي لأبحاث الدكتوراة قبل عرضها على لجنة المناقشة في جامعة هانوفر، منذ حصولي على درجة الدكتوراة (2016) إلى تاريخ مغادرتي ألمانيا في العام.
وعمل الخريج جحجوح في ذات العام 2016 حتى 2019 مديرًا لمشروع بحثي Wind Life GiGa الذي يشمل فريق عمل متخصص من الباحثين على مستوى جمهورية ألمانيا الاتحادية، وكان يدرس المشروع سبل اكتشاف الأضرار عن بعد في منشآت توليد الطاقة من خلال ما يتم إرساله من قراءات بخصوص أداء تلك المنشآت.
ويتابع: “عملت كعضو في الجمعية العلمية للفيزياء والرياضيات التطبيقية في ألمانيا GAMM منذ 2013، وحصلت على شهادة (مراجع أوراق علمية متميز) للعام 2016″.
وإن أنْصَفْت المهندس جحجوح في إنجازاته أطْلَقْت عليه لقب “الخارق” حيث عمل محاضراً في جامعة هانوفر الألمانية، ومحاضراً زائرا في الجامعات الفرنسيةLMT Cachan ، ومحاضرًا في جامعة السلطان قابوس في عُمان.
ويقول المهندس جحجوح الذي لم يألُ جهدًا في تقديم الخدمة لوطنه، فعمل في عدة مناصب، يوضحها “عملت في قطاع غزة كمهندس في ديوان الموظفين العام 2010، ثم مهندساً مشرفاً في وزارة الأشغال العامة والإسكان عام 2011، ثم مهندساً مصمماً 2012”.
ويكمل: “شاركت في العديد من المشاريع مع المكتب الاستشاري “انفرا”، وكان لي عدد لا يحصى من الدورات الهندسية التي كنت أقدمها للطلبة بالتعاون مع النادي الهندسي في الجامعة الإسلامية، ومركز تدريب نقابة المهندسين، وكذلك وكالة التعاون اليابانية جايكا.
كان للعناية الإلهية، ثم لوالده -المهندس الإنشائي خريج جامعة دارمشتات الألمانية الأثر الأكبر في إرشاده وتوجيهه منذ نعومة أظفاره، فنوه إلى أن والده كان يصطحبه في صغره لزيارة جامعة دارمشتات أثناء عطلة نهاية الأسبوع، ليشاهد مجسمات الجسور والكباري والمنشآت العملاقة، التي يعتبرها حسمت أمر مسيرته العلمية، ليقتدي بوالده فيصبح مهندساً مدنياً.
بصمة الجامعة الإسلامية
ومن باب رد الفضل لأهله، فلم ينسَ المهندس جحجوح أن يتحدّث عن دور الجامعة وما قدّمته له في مسيرته العلمية والأكاديمية والعملية، فقال: “تمنحك الجامعة ما يلزمك من المعرفة والخبرات التي تمكنك من الانطلاق ذاتيًا لتطوير نفسك واستكمال مسيرتك العلمية.
وأكّد المهندس جحجوح على أن الجامعة الإسلامية استطاعت بصمودها رغم الحصار ورغم القصف، إلهامنا بأن النجاح دوماً ممكن، طالما لم يستسلم المرء”.
وتابع: “استطاعت الجامعة النهوض بعد تدمير مبنى مختبراتها العلمية، الأمر الذي كان له شديد الأثر على مسيرتي العلمية والعملية، حيث إن معظم الصعوبات التي واجهتها أثناء دراستي في ألمانيا لا تعتبر شيئاً إذا ما قورنت بما كابدته الجامعة الإسلامية أثناء مرحلة إعادة بناؤها، والتي تكللت بالنجاح الباهر، لتعود الجامعة الإسلامية لمركزها الطبيعي كأحد أفضل الجامعات الفلسطينية والعربية.
وأشاد المهندس جحجوح بطريقة التعلم في الجامعة الإسلامية التي اعتبرها لا تختلف كثيراً في أسلوب محاضراتها ونمط تدريسها عن جامعة هانوفر الألمانية التي حصل منها على درجة الدكتوراة وعمل كعضو هيئة تدريس فيها.
وأكمل: “هناك اختلاف بعض الشيء بطريقة التعلم في الجامعة الإسلامية عن مثيلاتها الألمانية كونها تتسم بالبرود والجفاف والاعتماد على قيام الطالب بالبحث عن المعلومة بذاته دون أدنى إرشاد”.
وذكر أنه خلال فترة تدريسه في هانفور كان متأثراً بأسلوب التدريس في الجامعة الإسلامية، الأمر الذي ظهر في نتائج تقييمات الطلبة، والذين فضلوه على بروفيسور القسم (رئيس القسم)، متمنين أن يدرّسهم المزيد من المساقات.
تعددت لغاته
لم يقتصر “الموسوعة” جحجوح على الحياة العلمية والعملية، فبرع بالتحدّث بثلاث لغاتٍ إلى جانب اللغة الأم “العربية”، فأتقن اللغة الألمانية التي كانت مسقط رأسه ونشأته وتخرج وعمل فيها، إلى جانب اللغة التركية التي تعلم بعض مصطلحاتها من والدته تركية الأصل، إضافة إلى اللغة الإنجليزية “العالمية” في ظل حاجته لتعلمها بطبيعة عمله وأبحاثه العلمية.
وعن الصعوبة التي واجهها بسبب تعدد لغاته يقول المهندس جحجوح: “كان لتعدد اللغات مشاكل عديدة، خصوصًا في طفولتي، فكانت الكثير من الكلمات من الأربع لغاتٍ تتداخل مع بعضها البعض”.
وعلى الجانب المقابل للصعوبات التي واجهها الخريج جحجوح فأكّد على أن لتعدد اللغات فوائد جمّة، أبرزها: على الصعيدين العلمي والعملي فقد مكنته اللغات الأربع أن يكون منسق لمؤتمر علمي عُقد في هانوفر، موضحًا أن للغة الدور الأكبر التي أهلته للحصول على وظيفة في جامعة هانوفر كمحاضر بعد انتهائه من مرحلة الدكتوراة.
وأشار إلى أن كون اللغة الألمانية هي لغة مساقات البكالوريوس وجزء كبير من الماجستير في ألمانيا، وساعدتني في دراساتي العلمية وأوراق العمل التي قدمتها في المؤتمرات العلمية”.
وأضاف: “بشكل عام، فإن قدرتك على التحدث بلغات متعددة وبطلاقة وبلهجة سليمة (وخصوصاً الإنجليزية) يعتبر عامل إيجابي كبير في معظم المقابلات الشخصية، وتستطيع بها إقناع من تقابل بأنك الرجل الصحيح في المكان الصحيح، من خلال الحوار بلا تقطيع أو أخطاء لُغوية، بل بلغة سليمة واضحة سلسلة في كلماتها وأفكارها”.
طموح لا سقف له
لم تتوقف طموحات الخريج الذي لم يتوانَ يومًا بتقديم الخدمة لبلده من خلال نشر الأبحاث باسم الجامعة الإسلامية خاصةً، والجامعات الفلسطينية عامةُ، فيرنو إلى أن يكون جزء من المسيرة الأكاديمية للجامعة الإسلامية، وصاحب دور فعّال في بناء أجيال من المهندسين أصحاب الكفاءات والقدرات العالية.
وينهي حديثه: “الطموح لا سقف له، وأطمح بإكمال مسيرتي العلمية والعملية، وأن أتدرج في الدرجات العلمية والأكاديمية للوصول لدرجة الأستاذية بإذن المولى”.