تتوجه أنظار العالم اليوم نحو حماية البيئة وتوفير بدائل من المنتجات نظيفة أو صديقة للبيئة، فهل فكرت يومًا باستخدام هذه البدائل، كأن تستخدم مثلاً فحماً نظيفاً في الشواء أو التدفئة .
قد يصادفك على رفوف محلات البقالة صنفًا من الفحم “صديق للبيئة”، لا تعجب لذلك، فهذا ما يعرف بالفحم الحيوي.
وقد نجح المهندس حسن زايد (44عاماً) من إنتاج الفحم الحيوي والمضغوط من المخلفات الزراعية التي تهدر بكميات كبيرة في النفايات، وتزويد السوق الغزي به مشيرًا إلى أنه الأول في القطاع يصنع الفحم الحيوي بطرق علمية مدروسة.
ويقول زايد “أنه فكر في إنتاج الفحم الحيوي قبل 4 سنوات حيث يصادفه كميات كبيرة للمخلفات الزراعية في بيت لاهيا شمال القطاع، وتشكل عملية التخلص منها عبئاً كبيراً على المزارعين”.
ويضيف: “طرحت الفكرة على صديقي وعملنا معاً على دراسة ما يتعلق بالفحم الحيوي وصناعة الفحم المضغوط، وقمنا بدراسات كثيرة لتطوير المنتج ومحاولات الحصول على أعلى جودة ممكنة تنافس المستورد حتى الحصول على نتائج ممتازة قبلت في السوق المحلي”.
ويتابع زايد: “قمت بجمع بعض العينات من المخلفات الزراعية، وتجفيفها، ثم تفحيمها بمعزل عن الهواء فتبين أن (70%) منها يحتوي على فحم ممتاز”.
ويستخدم الفحم الحيوي في تسميد التربة وصناعة الأعلاف، ومكافحة الآفات الزراعية، وهو معروف لدى العديد من الدول خاصة دول شرق آسيا، كاليابان.
كيف يصنع الفحم الحيوي؟
يوضح المهندس زايد مراحل إنتاج الفحم بأنها تبدأ كالتالي:” أولاً: نقوم بتجميع المخلفات الزراعية وبقايا الأشجار وكبسها بعد التجفيف والتقطيع ثم تسخينها في معزل عن الهواء إلى درجات حرارة عالية تصل إلى 500 ° م فيما يعرف بالتقطير الإتلافي، وينتج عن هذه العملية أبخرة كثيفة يتم تجميعها لتتحول إلى سائل لونه بني قاتم يحتوي على بخار الماء وعناصر كيميائية كثيرة”.
ثم تأتي مرحلة فصل المكونات للحصول على ما يعرف بـ “خل الخشب” المستخدم حالياً في اليابان وشرق آسيا وأوروبا كمادة مسمدة للتربة وقاتلة للحشرات وتضاف لأعلاف الحيوانات للحصول على إنتاجية أفضل.
ويتابع قوله:” أما المخلفات التي تم تسخينها في معزل عن الهواء في فرن خاص فإنها تتحول إلى كربون وهو المكون الأساسي لصناعة الفحم المضغوط والفحم الحيوي الذي يضاف للتربة لتحسين خصوبتها”.
وينتج عن هذه العملية ثلاث مخرجات رئيسة-بحسب زايد-وهي: “الفحم الحيوي” المستخدم عالمياً في تخصيب التربة، “خل الخشب” وهو أحد سوائل تقطير الفحم ويستخدم في الزراعة والأعلاف، و”الفحم المضغوط” المستخدم للتدفئة والشواء ويتميز بأنه سريع الاشتعال ويدوم لفترة أطول. بالإضافة إلى “بودرة الفحم والقطران.
ويسعى إلى صناعة الفحم النشط الذي يعد أحد أهم المنتجات العالمية المستخدمة في عالم الصناعة، بحسب قوله.
وفي سؤال عما يدفع الأشخاص إلى استبدال الفحم العادي بالحيوي، يؤكد المهندس زايد أن الفحم الحيوي يتميز بأنه سريع الاشتعال ولا يحتاج للتهوية، وصحي وصديق للبيئة وذلك لأنه يحتوي على القطران الضار بالصحة حيث يتم التخلص منه برفع درجة التفحيم الى 500 درجة مئوية.
ويمثل مشروع إنتاج الفحم الحيوي بارقة أمل بالنسبة لقطاع غزة الذي يعاني نقصاً في المحروقات “نقدم بدائل طبيعية للوقود الصلب وتنمية البيئة المحلية بالمكونات الطبيعية الخالية من المخاطر، بالإضافة أنها تفيد غزة المنهكة ليس من الحصار ولكن من المبيدات الحشرية المسرطنة والقاتلة واللامبالاة من استخدام تلك المبيدات بشكل مُفرط ” يقول زايد.
معيقات الإنتاج
وعلى الرغم من توفر المادة الخام المستخدمة في الإنتاج محلياً، وحرص المهندس زايد على تصنيع ماكينات الإنتاج بنفسه، لا تزال بعض العقبات تواجه عملية إنتاج الفحم الحيوي في القطاع أبرزها: مشكلة الكهرباء، ويقول زايد: “نحتاج إلى كهرباء بقيمة 3 فاز لتشغيل مطحنة المادة الخام، وهذا مكلف بشكل كبير”، بالإضافة إلى غياب التمويل للنشاطات التطويرية المستمرة للمشروع.
وكان أسس مصنعه الخاص للبدء بتزويد السوق المحلي بالمنتج، لكن تعرضه للقصف خلال العدوان الأخير على قطاع غزة يوليو/2014، الأمر الذي أعاق تسويق الفحم في الوقت المزمع.
يحاول المهندس زايد إعادة تأهيل مصنعه، مستفيدًا من منحة مالية يقدمها مشروع” بذرة “لدعم وتمكين المشاريع الريادية الناشئة والصغيرة.
جدير بالذكر أن مشروع “بذرة” تنفذه حاضنة الأعمال والتكنولوجيا في الجامعة الإسلامية، ويسعى المشروع إلى دعم الشركات الريادية الناشئة والصغيرة الخاصة في المجتمع الفلسطيني، خلال تمويل من البنك الإسلامي للتنمية في جدة عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “UNDP” من خلال برنامج التمكين الاقتصادي “DEEP“.