تعددت البحوث والتجارب العملية للتغلب على الكثير من سلبيات “الاسفلت العادي” دون جدوى، لكن هذه المرة لم تكن كغيرها، حيث أجرى طلبة من كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية بغزة، سلسلة من البحوث والتجارب للوصول إلى انتاج “الاسفلت المسامي” الأول من نوعه فلسطين، ويحمل الكثير من الإيجابيات والمميزات الجديدة ويركل كل السلبيات المتعلقة بالإسفلت التقليدي.
بجهود أربعة طلاب من قسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة، وبإشراف الأستاذ الدكتور شفيق جندي- أستاذ هندسة الطرق والبنى التحتية بالجامعة، تمت عملية انتاج النموذج الأولي للإسفلت النفاذي داخل مختبرات الجامعة، للتخلص من مشكلة تراكم مياه الأمطار كـ هدف رئيسي من الانتاج .
زياد الدحدوح، أحد طلبة المشروع، أكد أن الإسفلت الجديد يتميز عن العادي المستخدم حالياً بالنوعية والتركيبة الداخلية التي تسمح بتصريف المياه إلى الطبقات السفلى وترشيح مياه الأمطار إلى الخزان الجوفي، مشيراً إلى أن فكرة المشروع هي الأولى على مستوى فلسطين.
وذكر الطالب الدحدوح أنهم قاموا في الأشهر الخمسة الأولى للمشروع بمطالعة الأبحاث والدراسات العالمية المتعلقة ببحثهم، بينما كانت الأشهر الأربعة التالية لإجراء التجارب على المواد الخام، وإعداد العينات.
نتائج مميزة
وقال الطالب محمد أبو رحمة- أحد طلبة المشروع، أن الإسفلت المسامي يساعد على سريان الماء من خلاله بشكل فعال وسليم دون أن يضر في قوته أو تركيبته؛ مما ينقل الماء إلى خزان حصوي أسفل الطبقة الإسفلتية، ثم إلى قنوات خاصة للتصريف، ولفت الطالب أبو رحمة إلى أن فكرة المشروع تقلل استخدام الأنابيب وقنوات صرف مياه الأمطار، وتعمل على توفير رؤية واضحة في المناطق الباردة التي يكثر فيها الهطول.
وتناول الطالب عبد الكريم الدحدوح- أحد طلبة المشروع، التجارب الأولى لعمل فريقه الهندسي التي كانت تعطي إشارات نجاح جيدة نوعاً ما، وبعد سلسلة من التجارب وتغيير في بنية الخلطة توصل الفريق إلى نتائج تضاهي ما وصلت إليه الأبحاث العالمية.
وأفاد الطالب محمود أبو جياب- أحد طلبة المشروع، أن العمل مازال مستمراً حتى يخرج المشروع بصورته النهائية وذلك خلال المؤتمر الدولي الهندسي، الذي تستعد الجامعة لعقده في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وبحسب الطلبة الأربعة، فإنهم لم يجدوا خلال فترة البحث والتجهيز أفكارا متعلقة بإنتاج طبقات الإسفلت المسامي في أي من الدول العربية، الأمر الذي يجعل مشروع تخرجهم يتميز على مستوى الوطن العربي أيضا.
دعوة للتطبيق
من جهته، أوضح الأستاذ الدكتور جندية أن الأسفلت المسامي يتناسب مع الطرقات القريبة من المؤسسات التعليمية والمستشفيات، والأماكن المأهولة؛ وذلك لقدرته على امتصاص للمياه، وقضائه على الصوت والضوضاء الناتجة عن سير المركبات على الطرقات
وأضاف الأستاذ الدكتور جندية أن فكرة المشروع تساعد في التحفيف من الهدر الكبير لمياه الأمطار، وزيادة المخزون الجوفي من خلال قيام الاسفلت بتجميع المياه، وحقنها في باطن الأرض، مشيراً إلى أن تكلفة الطبقة الاسفلتية النفاذة توازي تكلفة الاسفلت العادي، وتشابهه في تركيب البنية التحتية، ودعا الأستاذ الدكتور جندية البلديات المحلية والمؤسسات المعنية لتبني فكرة المشروع داخل قطاع غزة، وتوفير الإمكانيات والأدوات اللازمة لعملية التطبيق.
مشكلة متفاقمة
ويسعى الطلبة الأربعة من خلال انتاجهم لطبقة الاسفلت النفاذي محاولة التغلب على مشكلة المياه الجوفية والتي تعتبر إحدى المشاكل المتفاقمة في قطاع غزة، بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة بإنشاء الآبار الاصطيادية على لمنع الانسياب الجانبي للمياه إلى القطاع وإقامة السدود والأودية لمنع الاستفادة من المياه السطحية، الأمر الذي جعل من مياه الأمطار المصدر الوحيد المغذي للخزان الجوفي .