
شجع أكاديميون ومختصون شاركوا في يوم دراسي نظمه قسم علم النفس بكلية التربية بالجامعة الإسلامية، دعم تكامل جهود الباحثين في التخصصات النفسية والشرعية والتربوية لتعزيز حركة التأصيل الإسلامي للإرشاد والعلاج النفسي، وطالبوا الباحثين بتقييم ونقد النظريات النفسية المعاصرة في ضوء المفاهيم الإسلامية النفسية، ولفتوا إلى أهمية تطوير بناء أساليب وفنيات علاجية معاصرة انطلاقاَ من المفاهيم الإسلامية للعلاج والإرشاد النفسي، وأكدوا على ضرورة تأسيس مراكز التأصيل في علم النفس بالجامعات الفلسطينية، وشددوا على ضرورة توجيه انتباه ذوي الاختصاص في الإدارة العامة للمناهج لإثراء المناهج ذات العلاقة بمفاهيم التأصيل الإسلامي لعلم النفس.
جاء ذلك خلال اليوم الدراسي الذي نظمه قسم علم النفس بكلية التربية بالجامعة الإسلامية حول التأصيل الإسلامي للإرشاد والعلاج النفسي، وأقيم اليوم الدراسي في قاعة المؤتمرات العامة بمبنى طيبة للقاعات الدراسية بحضور الأستاذ الدكتور عليان الحولي –نائب رئيس الجامعة للشئون الأكاديمية، والأستاذة الدكتورة فتحية اللولو –عميد كلية التربية، والدكتور أسامة المزيني –رئيس قسم علم النفس، رئيس اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي، والأستاذ توفيق شبير –عريف اليوم الدراسي، وحضره جمع من أساتذة كليات التربية في جامعات قطاع غزة، وعدد من ممثلي المؤسسات التربوية والنفسية في القطاع، وأعضاء من هيئة التدريس والطلبة بكلية التربية.
الجلسة الافتتاحية
وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لليوم الدراسي، لفت الأستاذ الدكتور الحولي إلى المراحل الثلاث التي مرت بها المناقشات والكتابات حول مفهوم التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية، وهي: عمومية الصياغات وتعدد المصطلحات، ورأيان في تناول القضية “اصطلاح التأصيل الإسلامية أو التوجيه الإسلامي”، والتبادل والتقارب بين التوجهين السابقين، ونوه الأستاذ الدكتور الحولي إلى أن علم النفس يأتي على رأس العلوم الاجتماعية باعتباره يمثل الدراسة العلمية لسلوك الكائنات الحية وخصوصاً الإنسان، وذلك بهدف التوصل إلى فهم هذا السلوك وتفسيره والتنبؤ به والتحكم فيه، وتابع الأستاذ الدكتور الحولي حديثه قائلاً: “لوحظ تعدد المصطلحات التي استعملها الباحثون في التعبير عن إعادة صياغة علم النفس صياغة إسلامية، وشاع استخدام أربعة مصطلحات (علم النفس الإسلامي، أسلحة علم النفس، التأصيل الإسلامي لعلم النفس، التوجيه الإسلامي لعلم النفس)”، ووقف الأستاذ الدكتور الحولي على مفهوم التأصيل، وتناول الشروط الواجب توافرها في القائمين على التأصيل، وهي: استيعاب العلوم الحديثة “علم النفس”، واستيعاب مفاهيم المدرسة الإسلامية، والخروج بنظرية إسلامية لهذه العلوم “علم النفس”.
نظريات علم النفس
بدورها، قالت الأستاذة الدكتورة اللولو “مما لا شك فيه أننا نعيش في حقبة تاريخية تأثرنا فيها بالغرب بشكل كبير، ونقلنا عنهم علوم الفيزياء، والكيمياء، والطب، والهندسة، والتكنولوجيا، ونقلنا عنهم الكثير من النظريات في العلوم الإنسانية، وتأتي الضرورة لدراسة نظريات علم النفس التي تُدرس في الجامعات العربية والإسلامية التي هي غربية في فلسفتها ووجهتها”، وأضافت الأستاذة الدكتورة اللولو أسسها علماء غربيون غير مسلمين على أساس نتائج الأبحاث والدراسات التي أجريت في مجتمعات غربية غير مسلمة لها أساليبها الخاصة في الحياة والتفكير، ولها فلسفتها الخاصة في طبيعة الحياة، وفي طبيعة الإنسان ورسالته بالحياة وغايته فيها.
وأكدت الأستاذة الدكتورة اللولو على ضرورة إعادة النظر في مقررات علم النفس التي تُدرس في الجامعات الإسلامية، وإخضاعها للتحليل النقدي الدقيق لمعرفة مدى الاتفاق والاختلاف بموضوعاتها، ومفاهيمها، ونظرياتها مع مبادئ الإسلام.
افتتاح مركز التأصيل الإسلامي
من ناحيته، أوضح الدكتور المزيني أن الإرشاد لا يمارس في معزل عن قيم وعادات وفلسفة الحياة للمجتمع الذي يطبق فيه، وبين أن علم النفس ينقسم إلى ثلاث جوانب رئيسة، هي: الجانب الفلسفي، والتجريبي، والفنيات والأساليب، وتابع الدكتور المزيني حديثه قائلاً :”إن وضع علم النفس في المنطقة العربية الإسلامية لا يسر، ويمكننا تلخيصه في وجود تبعية مطلقة لعلم النفس الغربي، سواء أكان ذلك على مستوى البحث، أم التدريس، أم الممارسة التطبيقية، وأفاد الدكتور المزيني أن التقليد الأعمى لنظريات الغرب في علم النفس، يمثل واحداً من أخطر الأمور، وكشف الدكتور المزيني أن نهاية فعاليات اليوم الدراسي ستشهد افتتاح مركزاً للتأصيل الإسلامي لعلم النفس في الجامعة الإسلامية، وأشار إلى أن أهدافه تكمن في إحياء التراث النفسي الإسلامي وإعادة صياغته بلغة العصر للاستفادة منه، وتنقية علم النفس الغربي مما فيه من شوائب ليتناسب مع البيئة الإسلامية، وإثراء المعرفة النفسية بالعديد من الكتب والأبحاث من وجهة النظر الإسلامية.
الجلسة الأولى
وفيما يتعلق بالجلسات العلمية لليوم الدراسي، فقد انعقد على مدار جلستين علميتين، وترأس الجلسة العلمية الأولى الأستاذ الدكتور محمود أبو دف- أستاذ أصول التربية بكلية التربية بالجامعة، ونقل الدكتور المزيني تجربة علماء النفس المعاصرين في التأصيل الإسلامي للإرشاد والعلاج النفسي، وشارك الأستاذ الدكتور سمير قوتة- عضو هيئة التدريس بكلية التربية بالجامعة، بورقة عمل بعنوان: “لماذا تعتبر النظرة للجوانب الروحية مهمة في التقييم والعلاج”، وتحدث الدكتور فتحي كلوب- من وزارة التربية والتعليم العالي، عن التوجيه النفسي في معالجة مفاهيم الحزن الواردة في القرآن الكريم ومدى أهميتها في تلبية حاجات الإنسان الفلسطيني، وقدم الأستاذ الدكتور محمد فائي الحلو- رئيس اللجنة العلمية لليوم الدراسي، ورقة عمل حول تعديل السلوك في فكر الغزالي، وتناول الدكتور جميل الطهراوي- أستاذ الصحة النفسية المشارك بكلية التربية بالجامعة،سيكولوجيا عاطفة الحب في التراث الإسلامي، ولفت الأستاذ ناهض حرارة- ماجستير صحة نفسية مجتمعية، إلى دور علماء المسلمين في علم النفس وعلم الإجتماع، ووقف كل من الاستاذ يحيى أبو مشايخ- مدير مدرسة عمورية الثانوية للبنين، والباحث عرفات أبو مشايخ- طالب ماجستير صحة نفسية، على معالم الإرشاد والعلاج النفسي في ضوء آيات القرآن الكريم.
الجلسة الثانية
وبخصوص الجلسة العلمية الثانية، فقد ترأسها الأستاذ الدكتور نعمات علوان- من كلية التربية بجامعة الأقصى، وتطرق الأستاذ الدكتور أبو دف إلى علاج التبرير المرضي في ضوء القرآن الكريم، وعرج الأستاذ فريد زيارة- عضو هيئة التدريس بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، عضو رابطة علماء فلسطين، على الإرشاد ولعلاج النفسي في ضوء سورة الضحى، واستعرض كل من: الدكتور عبد الفتاح الهمص- أستــاذ الصحة النفسية المشارك بقسم علم النفس بالجامعة، والباحثة دعاء طافش- طالبة ماجستير صحة نفسية، منهج العلاج النفسي عند الإمام أبو حامد الغزالي، ولفت الأستاذ عبد الرحمن وافي- مشرف الإرشاد التربوي بمديرية التربية والتعليم بوزارة التربية والتعليم، إلى تقنيات الإرشاد النفسي عند الإمام الغزالي، وعرض الأستاذ إسماعيل أهل- باحث، نقد نظرية الشخصية –كارل روجرز- في ضوء المفاهيم الإسلامية، وشاركت الأستاذة عبير الشرفا- رئيس قسم الصحة النفسية بالإدارة العامة للإرشاد والتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم العالي، بنماذج إرشادية من السنة النبوية، وقدم الأستاذ شاهر زعيتر- باحث- ورقة عمل حول التعامل مع التشوهات المعرفية لدى الأقوام السابقة في ضوء سورة هود.