نظم قسم التحاليل الطبية بكلية العلوم في الجامعة الإسلامية أمس يوماً علمياً بعنوان: ” الطرق المخبرية لتشخيص السرطان” في قاعة المؤتمرات العامة بمبنى طيبة, حضره عدد من الأكاديميين, والأطباء, والمخبريين, والباحثين, وطلبة كلية العلوم في الجامعة الإسلامية.
وقد أكد د. ناصر فرحات – عميد كلية العلوم, في كلمته الافتتاحية أمام اليوم العلمي, على حرص الجامعة الإسلامية على متابعة قضايا المجتمع المختلفة بشكل عام, والقضايا محط الاهتمام على وجه الخصوص, مستعرضاً العديد من المؤتمرات, والأيام العلمية, والندوات التي عقدتها كلية العلوم, وأوضح د. فرحات أن تنظيم قسم التحاليل الطبية لليوم العلمي يأتي في وقت شغل فيه مرض السرطان انتباه الناس, وأصبح يمثل هاجساً لديهم, حتى أن الكثير منهم يطلق عليه أسماءً عديدة تجنباً لذكر اسمه المباشر, في إشارة منه إلى اسم “المرض الخبيث”, ودعا د. فرحات العلماء والباحثين إلى الاجتهاد؛ وذلك للتوصل إلى علاج ناجع لهذا المرض العضال.
وخلال الجلسة الأولى لليوم العلمي والتي ترأسها د. عبد الرؤوف المناعمة – رئيس قسم التحاليل الطبية, قدم كل من: د. عبد المنعم لبد – الأستاذ المساعد بقسم التحاليل الطبية – ورقة عمل حول تشخيص الأورام من خلال مقاطع الأنسجة, بينما قدم الأستاذ الدكتور محمد عيد شبير – الأستاذ قي قسم التحاليل الطبية – ورقة أخرى تتعلق بدلالات الأورام.
التشخيص من خلال مقاطع الأنسجة
وتحدث د. لبد عن التشخيص من خلال مقاطع الأنسجة باعتباره الحجر الأساس في التشخيص, لكونه يحدد التحاليل المطلوبة, مشيراً إلى أنه بالرغم من قدم هذه الطريقة التشخيصية إلا أنه لا يتم الاستغناء عنها.
وذكر د. لبد أنه يتوجب دراسة مجموعة من الأمور الخاصة عند دراسة المرض, منها: مدى انتشاره, وسببه, وآلية حدوثه, إضافة إلى التغيرات التي يحدثها على جسم الإنسان, وأوضح د. لبد أن علم الأمراض يتناول جزئين, ففي الوقت الذي يختص فيه الجزء الأول بدراسة عامة للأمراض, فإن الجزء الثاني يتعلق بدراسة الأمراض بشكل مفصل وخاص بكل جزء في الجسم.
وأورد د. لبد العديد من الآليات المستخدمة في التشخيص المبكر, مثل: الميكروسكوب الضوئي, والتفاعلات الكيميائية والمناعية الخاصة بالأنسجة, وزراعة الأنسجة ودراستها, إضافة إلى الميكروسكوب الالكتروني, وقدم د. لبد عرضاً للتشخيص من خلال مقاطع الأنسجة, موضحاً ماهيته القائمة على إحضار العينة على شكل شريحة يمكن رؤيتها تحت الميكروسكوب, إلى جانب كون هذه الشريحة مصبوغة.
وعن الخطوات المتبعة في التشخيص تحدث د. لبد عن العينة الجراحية, مؤكداً على ضرورة توفر بيانات كاملة عن الحالة, تضم: الاسم, والعمر, والتاريخ المرضي, ولفت إلى ضرورة أن تكون العينة كافية, من حيث قوامها, وصورها, وطريقة قطعها, وتثبيتها, وأوضح د. لبد طريقة تثبيت العينة, ووضعها في شمع بحيث يتم حفظها, وحمايتها من البكتيريا والتعفن, والحفاظ على قوامها, وصباغتها, وعمل تنقية للشريحة لتثبيتها لفترة طويلة.
دلالات الأورام
بدوره, أشار أ. د. شبير إلى أن النمو السرطاني يحدث عندما تبدأ الخلايا بالتكاثر بدون أي سيطرة عليها, واستطرد في حديثه إلى وجود نوع من الأورام الحميدة, لا تشكل مشكلة, مبيناً أن الأورام الخبيثة تمر بمرحلة الورم الحميد, ثم تنشط بسرعة, وتبدأ بالانتشار من خلال الجسم إلى أن تصل إلى أماكن بعيدة.
وذكر أ. د. شبير أن الإشعاعات ممكن أن تؤدي لحدوث طفرات يتم تحولها إلى خلايا خبيثة, وتتسبب في نمو غير منتظم للخلايا, وتناول أ. د. شبير دورة الخلية التي تنقسم فيها الخلايا, ويكون لها معدل انقسام ثابت, مستعرضاً الأطوار التي تمر بها, ونوه إلى وجود جينات تتحكم في هذه العملية, إضافة إلى ظاهرة الموت المنتظم للخلايا, التي تحدث أثناء تلك الظاهرة, إلى جانب ظاهرة تغذية الورم بالأوعية الدموية, وظاهرة فقدان التصاق الخلايا ببعضها, مما يؤدي لانتشارها.
ووقف أ. د. شبير على دلالات الأورام باعتبارها فحوصات تستخدم للاستدلال المبكر على السرطان, وتجرى في فترة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة شهور قبل ظهور المرض, لافتاً إلى عدم تميزها بالخصوصية؛ لأنها تكون في موجودة في الجميع, إلا أن الاختلاف يكمن في نسبتها, ومن أمثلتها: تشخيص سرطان البروستات, وسرطان الثدي, والمبيض, وأضاف أ. د. شبير أن دلالات الأورام تستخدم في متابعة العلاج للأمراض, وتحديد مدى عودة المرض من عدمه.
وشدد أ. د. شبير على جملة من التوصيات الهامة عند طلب فحوصات دلالات الأورام, منها: طلب مجموعة من الفحوصات مع بعضها, للاستعانة بها من أجل التوصل لتشخيص معين, واستخدام نفس المختبر في متابعة المرض.
وبخصوص الجلسة الثانية لليوم العلمي, فقد ترأسها الأستاذ الدكتور محمد عيد شبير, وشارك فيها: أ. أحمد سلمي – عضو هيئة التدريس بقسم التحاليل الطبية, أ. د. فضل الشريف – أستاذ علم الوراثة في كلية العلوم بالجامعة الإسلامية.
تشخيص الأمراض الخبيثة المتعلق بالدم
بدوره, عرَف أ. سلمي تشخيص الأمراض الخبيثة المتعلقة بالدم بواسطة “Flow cytometry” بأنها طريقة تستخدم لتعريف بعض المواد الموجودة على الغشاء الخلوي لخلايا الدم, والتي يتم باستخدامها التعرف إلى الأمراض المختلفة, نظراً لاحتوائها على مواد معينة, وأوضح أ. سلمي أن هذه الطريقة تستخدم حزمة من أشعة الليزر, تمر من خلالها الخلايا, مشيراً إلى أنه يتم التعرف إليها عندما تصبغ بصباغ خاص بالخلايا, ومن ثم يتعرف إليها عند مرورها على أشعة الليزر, وتشخيص الأنواع المختلفة, وعرض أ. سلمي جداول تبين العلاقات المميزة لكل نوع من خلايا الدم, والتي يتم التشخيص من خلالها.
التشخيص الوراثي للسرطان
أما أ. د. الشريف فتناول التشخيص الوراثي للسرطان من خلال تقنية خاصة, تستخدم عند وجود تغيرات معينة ترتبط بأمراض سرطانية معينة, وذكر أن السرطان ينجم عن تراكم طفرات متعددة تؤدي لانقسام الخلايا, وتمنع موتها, مضيفاً أنه تم التعرف إلى حوالي (100) جين تؤدي لأنواع مختلفة من السرطان, وأكد أ. د. الشريف أنه يشترط في التقنية أن تكون سهلة, وحساسة, ومعبرة عن الحالة المرضية, وبخصوص وجود إمكانية تكرر خلل محدد في أكثر من نوع سرطاني, أوضح أ. د. الشريف أنه يتم معرفة الخلل الوراثي ليساعد في اختيار العلاج المناسب, إلى جانب معرفة الجينات التي ساعدت على حدوث السرطان. ولفت أ. د. الشريف إلى أن الخلل في الكروموزمات يمكن أن يكون في عددها, أو تركيبها, أو فقد قطع منها, نتيجة تغيير في التركيبة الداخلية للجين, مما ينجم عنه زيادة في إنتاج بعض البروتينات, أو يؤدي إلى تكون بروتين غير طبيعي.