اعتبرت العديد من الثدييات البرية، ولاسيما
الضواري أو آكلات اللحوم، مثل: الضبع المخطط، و الذئب الرمادي، وابن آوى الذهبي من
الحيوانات التي اختفت من قطاع غزة خلال الـ 4 – 5 عقود الماضية؛ نظراً للكثافة
السكانية المرتفعة، والتحضر والزحف العمراني، والصيد وتراجع المساحات الطبيعية،
وتدمير و تجزئة النظم البيئية، إلا أن العديد من الدراسات العلمية التي نشرها
الدكتور عبد الفتاح عبد ربه – أستاذ العلوم البيئية المشارك في قسم الأحياء في كلية
العلوم بالجامعة، والمختص في بيئة الحياة البرية، مؤخراً حول منزلة الثدييات البرية
في قطاع غزة نوهت إلى وجود أعداد قليلة من حيوان الثعلب الأحمر أو الحصيني الذي
يتبع عائلة الكلبيات في المناطق الشرقية لقطاع غزة، والتي غالباً ما تأتي عبر جحور
أرضية من فلسطين المحتلة لكي تصطاد فرائسها من حظائر الحيوانات، و مزارع الدواجن،
والطيور المنتشرة في المناطق الشرقية، ثم تعود من حيث أتت، وقد تم صيد البعض منها،
وإيداعها في بعض حدائق الحيوان المنتشرة في محافظات قطاع غزة.
وقد تمكن أحد المواطنين من الإمساك بسبعة ثعالب
صغيرة الحجم (أشبال) في وكر أرضي خاص بها، ووفقاً للدكتور عبد ربه فقد تمت معاينة
الأشبال السبعة المأسورة في قفص أعد خصيصا لها، والتأكد منها، وأخذ البيانات
اللازمة المتعلقة بها، و تصويرها و تصوير أوكارها التي كانت تحتضنها، و بقايا
الحيوانات التي تغذت عليها، وأفاد الدكتور عبد ربه أن أوزان الأشبال تراوحت بين 3
– 3.5 كيلو جرامات وهي أفراد لجيل واحد ولد لأبوين لم يعثر عليهما وقت الإمساك، ولكنهما
شوهدا من قبل مواطنين آخرين فيما بعد و هما يحومان ليلاً في منطقة الوكر المذكور،
و بهذه الحادثة تتأكد عملية توالد الثعلب الأحمر (الحصيني) في البيئة المحلية
لقطاع غزة، و لفت الدكتور عبد ربه إلى أنه ربما يفتح هذا الحدث آفاقاً علمية رحبة
في دراسة المنزلة البيئية لهذا الحيوان الذي يعتبر الأكبر بين أبناء جنسه في
البيئة الفلسطينية.
جدير بالذكر، أن الثعلب الأحمر يعد الأكثر
انتشاراً بين أنواع فصيلة الكلبيات على مستوى العالم ، كما أنه هو الأكبر من جنسه
مع أن حجمه يتباين جيداً في مناطق وجوده في مداه الجغرافي، ويمتاز الثعلب الأحمر
بأنه حيوان ليلي النشاط مع أنه قد يظهر في النهار أحياناً، ويعيش في كافة بيئات
فلسطين، و في أطراف المدن، و قد تكيف ليعيش بالقرب من المناطق السكنية كما هو
الحال في قطاع غزة، ويتغذى الثعلب الأحمر على الفواكه و الخضراوات فضلاً عن
الحيوانات الصغيرة التي يستطيع الإمساك بها، ويعتمد تكاثر الثعلب الأحمر على
الظروف السائدة و عادة ما يتوالد مرة واحدة في العام ليعطي من 2 – 10 أفراد في
البطن الواحد، و تمتد فترة حمله إلى 52 يوماً، ويرعى أشباله لفترة تصل إلى شهرين
ليبدأ بعدها الأشبال في الاعتماد على أنفسهم.