نظمت مركز القرآن الكريم والدعوة الإسلامية بالجامعة الإسلامية بغزة بالتعاون مع رابطة علماء فلسطين ملتقى رجال الإصلاح والقضاء المعنون: ” القضاء العرفي في ميزان الشريعة الإسلامية “، وانعقد الملتقى في قاعة المؤتمر الكبرى بمركز المؤتمرات بالجامعة بحضور سعادة الدكتور سالم سلامة- رئيس رابطة علماء فلسطين، والأستاذ الدكتور ماهر الحولي- عميد شئون الطلبة بالجامعة الإسلامية، رئيس دائرة الإفتاء بالرابطة، والدكتور نسيم ياسين- رئيس مركز القرآن الكريم والدعوة الإسلامية، رئيس دائرة الإصلاح بالرابطة، و الدكتور عاطف أبو هربيد- أمين سر الرابطة، وحضر الملتقى عدد من العلماء والأكاديميين والدعاة، وجمع من المخاتير والوجهاء ورجال الإصلاح والعشائر ، وحشد من طلبة الجامعة.
من جانبه، أثنى سعادة الدكتور سلامة على الجهود التي بذلت من أجل إنجاح هذا الملتقى، وأوضح أن الملتقى يسلط الضوء على أبرز القضايا العرفية, وقال سعادة الدكتور سلامة: “مع مرور الزمن ظهر القضاء العرفي، وصارت له صفة الإلزام في حل القضايا والنزاعات بين أفراد المجتمع, وهو اليوم بحاجةٍ إلى مراجعة في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية”، وأكد سعادة الدكتور سلامة أن منظومة القضاء العرفي فعالة جداً في حل كثيرٍ من المشاكل والقضايا، ودعا إلى مراجعة أحكام وأعراف القضاء العرفي؛ لتكون منسجمة انسجاماً تاماً مع أحكام الشريعة الإسلامية .
بدوره، قدم الأستاذ الدكتور الحولي خلال المؤتمر ورقة عمل حول القضاء العرفي بين الموافقة والمخالفة، ووقف على جملة من العناوين المهمة من أبرزها: الإصلاح، وأدلة الإثبات، والإجراءات الأولية في الإصلاح بين العرف والشرع، وإجراءات الجلوس للتقاضي بين العرف والشرع، وإجراءات إصدار الحكم بين العرف والشرع، والآثار المترتبة على القتل في العرف والشرع، مشيراً إلى موافقة الكثير من الأعراف والعادات السائدة لتعاليم الشريعة الإسلامية, كالوفاء بالعهد, وإرجاع الحقوق إلى أصحابها, ولفت الأستاذ الدكتور الحولي إلى أن الإصلاح هو الباب الواسع الذي ندخل منه إلى تعاملات الناس، وأن القضاء هو أضيق الأبواب وأحجرها، وطالب الأستاذ الدكتور الحولي جميع القائمين على القضاء العرفي والعاملين فيه إلى ضرورة الالتزام بضوابط الشرع خلال عملهم وتحكيمهم بين الناس, وعرض العديد من الأحكام العرفية على ميزان الشريعة الإسلامية، وأظهر حكمها مثل: فورة الدم, وقاعود النوم, والعطوة الصافية, والرزقة، والتشميس، والترحيل عن البيوت وغيرها.
وعبر الدكتور ياسين عن سعادته بالمشاركة الواسعة والحرص الشديد على حماية المجتمع المحلي من تفاقم المشاكل، وقدر الجهود المبذولة بشكل مستمر لإصلاح ذات البين، وأكد الدكتور ياسين أن هذا اللقاء يناقش إحدى القضايا التي تهم المجتمع الفلسطيني، وتابع حديثه قائلاً: “نحن نعلم أن الإصلاح موجود منذ فجر التاريخ، ولكن الطريقة المثلى التي يقوم بها رجال الإصلاح في هذا العصر تميزت بفضل الله، حيث ضرب رجال الإصلاح أروع الصور في الإصلاح والتوفيق بين الناس”، ووقف الدكتور ياسين على الوسائل التي يستخدمها أعداء الإسلام في إبعاد الأمة عن مصدر عزتها وكرامتها “القرآن الكريم والسنة النبوية”، ودورهم في الفصل بين المحاكم المدنية والمحاكم الشرعية، بعد أن كانت تعتمد على منهج واحد هو القرآن والسنة، من أجل أن يضعوا القوانين الوضعية، ويُحكموها بين الناس، الأمر الذي مُورِس على الأمة الإسلامية عن طريق الاستعمار والغزو الفكري لها، وهذا مما أبعد الناس عن تحكيم دينهم وقرآنهم، فصار الناس يلجأون إما إلى القوانين الوضعية أو إلى العادات، وأوضح الدكتور ياسين أن فكرة تنظيم الملتقى جاء بهدف نشر المنهج الإسلامي وتطبيقه بالدرجة الأساسية في كافة مجالات السعي بين الناس بالخير وإصلاح ذات البين.
وتناول الدكتور أبو هربيد مفهوم العرف، وتأصيله، وأنواعه، وموقعه من الشريعة الإسلامية، وقال: “لا خلاف بين الفقهاء في أن العرف إذا كان مخالفاً لأدلة الشرع مناقضاً لحكمه وأهدافه لا يعتد به بل يجب إلغاءه لأن في بقائه من المفاسد ما لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى”، وأضاف لذلك نجد أن الشرع الحكيم قد ألغى جميع الأعراف الفاسدة الموجودة عند العرب قبل الإسلام، وأوضح الدكتور أبو هربيد أنه لا يوجد خلاف بين العلماء في أن العرف إذا كان صحيحاً بأن لا يخالف دليلاً من الأدلة الشرعية، ولا قاعدة من قواعد الدين فإنه يعتد به ويعتبر، وأكد الدكتور أبو هربيد أن أحكام العرف تقتضي رفع الحرج عن الناس، واعتبار المصالح وتحقيق المصلحة، واستعرض عدداً من الضوابط التي يجب الالتزام بها حتى يكون العرف مضبوطاً وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.