دعا أكاديميون ومختصون شاركوا في يوم دراسي حول غلاء المهور إلى ضرورة اتباع المنهج القرآني والهدي النبوي الشريف في الزواج وتكاليفه، وطالبوا بضرورة بث ثقافة التيسير في الزواج وعدم المغالاة في المهور و تكاليف الزواج، وأجمعوا على دعم وتشجيع الأعراس الجماعية لتسهيل تكاليف الزواج ودعمها بشتى الطرق، ووقفوا على دور وسائل الإعلام البارز في تسليط الضوء على مشكلة غلاء المهور وعرضها بطرقة علمية تبين أثرها على الشباب والأسرة والمجتمع، وشددوا على أهمية التخفيف من مظاهر الإسراف في الكماليات والأشياء الثانوية في الأعراس وحفلات الزفاف، واقترحوا إنشاء صندوق وطني لدعم الأفراد المقبلين على الزواج بالمال الازم وتوفير المكان المناسب.
جاء ذلك خلال اليوم الدراسي الذي نظمه قسم الخدمة الاجتماعية في الجامعة الإسلامية بالتعاون مع “جمعية التيسير للزواج والتنمية”, تحت عنوان: “غلاء المهور- الواقع والمأمول”، وانعقد اليوم الدراسي في قاعة المؤتمرات العامة بمبنى طيبة للقاعات الدراسية، بحضور معالي الأستاذة جميلة الشنطي- وزيرة شؤون المرأة والطفل، والأستاذ الدكتور محمود العامودي- عميد كلية الآداب ، والدكتور وليد شبير- رئيس قسم الخدمة الاجتماعية، رئيس اللجنة العلمية، والأستاذ أدهم البعلوجي- رئيس مجلس إدارة جمعية التيسير للتنمية والزواج، رئيس اللجنة التحضيرية, وشارك في اليوم الدراسي عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة”الفيديو كونفرنس” من المملكة الأردنية الهاشمية الدكتورة جميلة الرفاعي- عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالجامعة الأردنية، والأستاذ مفيد سرحان- مدير جمعية العفاف، وحضر اليوم الدراسي عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس وطلبة من الجامعة.
الجلسة الافتتاحية
وفي كلمتها أمام الجلسة الافتتاحية لليوم الدراسي، لفتت معالي الوزيرة الشنطي إلى أن العادات والتقاليد تلعب دوراً كبيراً في زيادة تكاليف الزواج وغلاء المهور، وأشارت معالي الوزيرة الشنطي إلى أن زيادة النفقات والتكاليف قبل الزواج والمتمثلة في الاحتفالات والبهرجة الزائدة تقف وراء عزوف الشباب عن الزواج، واستعرضت مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على عدم تحميل المقبل للزواج فوق طاقته.
بدوره، تحدث الأستاذ الدكتور العامودي عن دور اليوم الدراسي في توعية المجتمع بأهمية التيسير على الشباب المقبل على الزواج، وعدم إثقال كاهله بما لا يستطيع، وأشار الأستاذ الدكتور العامودي إلى مساعي كلية الآداب وقسم الخدمة الاجتماعية إلى تجاه التوعية بالقضايا المجتمعية من خلال عقد الأيام الدراسية والمؤتمرات.
من جانبه، لفت الدكتور شبير إلى دور قسم الخدمة الاجتماعية في توعية المجتمع من خلال طاقم هيئة التدريس المتخصص في القسم وعلاقاته مع المؤسسات الحكومية والأهلية، وأشار إلى أن اليوم الدراسي يأتي في سياق حرص القسم على إبراز مشكلة كبيرة تهم أكبر فئات المجتمع وهي فئة الشباب، وأوضح أن للأخصائي الاجتماعي دوراً كبيراً في هذا المجتمع لأنه كلما زاد عدد السكان زاد عدد الأخصائيين الاجتماعيين.
من ناحيته، اعتبر الأستاذ البعلوجي قضية غلاء المهور قضية مهمة، وثمن دور الجامعة وقسم الخدمة الاجتماعية في ايلاء مشكلة غلاء المهور اهتماماً كبيراً, ومساهمتها في نجاح فعاليات اليوم الدراسي.
بدورها, أشارت الدكتور الرفاعي إلى أن المهر هو حق على الرجل للمرأة؛ لعقد القران بينهما, فالأصل في المهر إكرام للمرأة, ولفتت إلى أن انتشار العديد من الأمراض النفسية والخلافات بين الأزواج ناجم عن التكاليف المادية الباهظة للحياة الزوجية منذ بدايتها وتكليف الزوج فوق طاقته.
من جانبه, لفت الأستاذ سرحان إلى أن واقع الزواج في المجتمعات العربية والإسلامية يمر بأزمة ومشكلة كبيرة، ودعا إلى توضيحها لأولياء الأمور وللمجتمع, وأشار الأستاذ سرحان إلى أن مشكلتنا في المجتمعات العربية هي مشكلة عادات وتقاليد متوارثة, متسائلاً في الوقت ذاته عن دور القدوة الحسنة ورجال الدين والمهتمين من هذا المجال؟.
الجلسة الأولى
وبخصوص الجلسات العلمية لليوم الدراسي، فقد انعقد اليوم الدراسي على مدار جلستين علميتين، حيث ترأس الجلسة العلمية الأولى الدكتور مروان أبو راس- النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، وتحدث الدكتور عمر نوفل- رئيس محكمة الاستئناف في غزة عن مشكلة غلاء المهور من الناحية الشرعية, ولفت إلى أن المهر واجب على الرجل دون المرأة مع إكراه زيادة المهر لمن لا يقدر، واستعرض أنواع المهر وشروطه وما يصلح أن يكون مهراً وما لا يصلح، وتناول الدكتور جميل الطهراوي- أستاذ الصحة النفسية المشارك في كلية التربية بالجامعة الإسلامية، الآثار النفسية وراء غلاء المهور في المجتمع الفلسطيني، وأشار إلى بعض المحطات النفسية ذات العلاقة بغلاء المهور مع الإقرار المسبق بصعوبة فصل الجانب النفسي عن الجانب الاجتماعي, وأوضح الدكتور الطهراوي أن طلب الأسرة لمهر غالي لابنتها يتسبب في عنوسة الفتاة مما يلحق بها أثاراً نفسية سيئة تزداد معاناتها مع العمر، وأشار إلى أن الشاب المتقدم للزواج يشعر بالإحباط النفسي عندما يطلب منه مهراً مكلفاً لا يطيقه، ولفت الأستاذ بسام أبو عليان- المحاضر في جامعة القدس المفتوحة وجامعة الأمة للتعليم المفتوح, إلى دور غلاء المهور في ارتفاع العنوسة عند الفتيات وعزوف الشباب عن الزواج، وأشار إلى أهم الأسباب التي تقف وراء تعنت الآباء والأسر في مسألة المهر والمطالبة بمهور مرتفعة, وهي: الحصار المفروض على قطاع غزة, وارتفاع الأسعار، واعتقاد بعض الأسر بأنه كلما ارتفعت قيمة المهر كلما عكس قيمة ومكانة المرأة، والتفاخر والتأهيل الاجتماعي, وعرض الأستاذ أبو عليان مجموعة من نماذج وحالات لضحايا غلاء المهور، وسرد بعض طرق الوقاية والحد من ظاهرة غلاء المهور، وتحدث الأستاذ أمين شبير- عضو هيئة تدريس في قسم الخدمة الاجتماعية بكلية الآداب في الجامعة الإسلامية، عن العنوسة وغلاء المهور، واستعرض بعض الأرقام المتعلقة معدلات العنوسة ، وبين أسباب انتشارها وسبل علاجها.
الجلسة الثانية
وفيما يتعلق بالجلسة العلمية الثانية لليوم الدراسي، فقد ترأسها الدكتور نوفل، وتحدث فيها الأستاذ الدكتور ماهر الحولي- عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية، عن تيسير الشريعة الإسلامية للمهر, وأوضح أن غلاء المهور مشكلة عقدها الناس على أنفسهم, ولفت إلى أن المهر حق مشروع للزوجة على زوجها والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع، وأشار إلى أن حكمة الشرع من عدم تحديد المهر وتقديره حتى يقدر الزوج المهر وفق طاقته، وتطرق الدكتور وليد شبير إلى ظاهرة غلاء المهور وآليات علاجها، وأوضح الأستاذ أمجد المفتي- عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية، تأثير غلاء المهور على مستقبل الشباب، وبين الأستاذ المفتي أثر غلاء المهور على مستقبل الشباب، وأشار إلى أهم الأسباب التي تقف وراء غلاء المهور، ومنها: الجهل بالأمور الدينية المتعلقة بأحكام الزواج وشروطه، وعدم الأخذ برأي المرأة المخطوبة في تحديد المهر وتكاليف الزواج، وعرض مجموعة من المقترحات والحلول لعلاج ظاهرة غلاء المهور، وعرض الأستاذ معتصم الميناوي-من وزارة شئون المرأة، حملة إعلامية لمحاربة غلاء المهور في المجتمع الفلسطيني، وبين أن الحملة تهدف إلى الحد من غلاء المهور لتصل إلى أقل مستوى يمكن أن تصل الية، وأشار إلى أن الحملة تسعى إلى التغلب على غلاء المهور اجتماعياً، ولفت إلى أن الحملة تستهدف المؤسسات الحكومية والمدنية والنسوية.