
يبدو أن الإعلان عن تفوق والد “عبلة” جاء مبكراً قبل الإعلان عن نتائج امتحاناتها في نصف الفصل الثاني، فبعد أن باتت تلميذة الصف الثامن تنتظر شروق الشمس حتى تتوجه إلى مدرستها، وتحصل على نتيجتها التي طالما تفاءلت بتقدمها، أمست فرحة وكم قفزت وصفقت ولكن بتفوق والدها وتصدره أوائل الإداريين المتميزين في الجامعة الإسلامية في التقييم السنوي لعام 2009م بتقدير96.37%، فبعد أن أنهى الأستاذ رامز يوسف نسمان –السكرتير بالمكتب الرئاسي بالجامعة الإسلامية- عمله، كانت ساقاه تسبقانه في السير إلى المرآب، وكانت عيناه تتحدثان عن لهفته في الوصول إلى المنزل، حتى أنه استرعى اهتمام من تحدث إليهم بقوله: “الحمد لله إنه رضا الله ودعاء أمي الصالحة… أخذت ورقة الإعلان عن تفوقي لتقر بها عينيَّ أمي اللتان طالما اشتاقتا أن تدمعان –فقط- لسبب مفرح.
المباراة واللقب
وما أن أدار الأستاذ نسمان مقود مركبته حتى تمنى أن لها جناحين يقلانه إلى معسكر الشاطئ، يبدو أن ذهن الأستاذ نسمان المعلق بزف نبأ التفوق قد وصل إلى فؤاد الحاجة “أم رامز” قبل أن يتوقف دولاب مركبته أمام المنزل، لقد كان دخول الأستاذ نسمان إلى منزله هذه المرة مختلفاً فقسمات وجه وبريق عينيه اللتين تسطعان بالتفوق أرادوا جميعاً أن يقولوا الكثير، توجه الأستاذ نسمان صوب الحاجة “أم رامز” التي تدوي بعقدها السابع وتجاعيد وجهها كيف يمكن لأمرأة فلسطينية استثنائية أن تربي رجلاً يعتد به، جلس بجانبها.. قبل يديها، التف حوله أبناؤه السبعة بدءاً “بعبلة” مروراً “بمسك” ذات الربيعين إلى “عبد الرحمن” ذي الثلاثة أشهر، أدرك الصغار أن ثمة ما يثلج الصدر، فمن الجدة إلى أحفادها كل بلغته الخاصة عبر للأستاذ نسمان عن فرحه بتفوقه، وأخذت الحاجة “أم رامز” تحثه على المحافظة على هذا التفوق، وتشدد على التفاني والإخلاص، والزوجة ” أم يوسف” من خلفها تعزز ما تنادي به، وأعلنت “عبلة” خوض مباراة المحافظة على اللقب مع والدها، وركضت “مسك” وتعلقت بذراعي والدها معبرة عن فرحتها.
صورة صوتية
سمع المتصلون عبر الهاتف صوت رمز إلى شخص رزين، وكان له من اسمه نصيب فـ “رامز” يعني الرمز، والرزين، فمنذ عام 1998م أجاب السيد نسمان على المتصلين بلباقة “التخطيط والتطوير … السلام عليكم، شئون الطلبة السلام عليكم، رئاسة الجامعة السلام عليكم”، إن هذا الأداء والتجاوب ساهما إلى جانب عوامل أخرى في رسم صورة صوتية إيجابية عن السيد نسمان ساهمت في نجاحه المتواصل.
التحق الأستاذ نسمان بالعمل في الجامعة منذ عام 1998م، وعمل على مدار ست سنوات في عمادة التخطيط والتطوير، وعلى مدار خمس أخرى في عمادة شئون الطلبة، وانتقل مؤخراً إلى المكتب الرئاسي.
يقول الأستاذ نسمان: “عندما أنهيت دراستي في الثانوية العامة عام 1992م انتقلت لدراسة دبلوم السكرتاريا وإدارة الأعمال في كلية مجتمع رام الله، كنت أتمنى أن أتجول في الجامعة، أو أن تطأها قدماي فقط وذلك من شدة شغفي بها”، وتابع: “وتشاء الأقدار أن أتقدم للعمل فيها وأنضم إلى فريقها”.
ثراء التجارب
وفيما يتعلق بأثر هذا التنقل في العمل على أداء الأستاذ نسمان أفاد أن العمل في عمادة التخطيط والتطوير أثر لديه في توزيع الأولويات، ونسج العلاقات والتشبيك، إلى جانب دوره في إرساء قواعد التنظيم الإداري، والاندماج الواسع في العمل.
وبشأن العمل في عمادة شئون الطلبة، ذكر الأستاذ نسمان أن تلك الفترة كانت ذات خصوصية؛ وعزا ذلك لتعامله مع شرائح المجتمع المتنوعة، وحرصه على مساعدة الآخرين، ومضى قائلاً: “كنت أشعر أن ثمة مسئولية اجتماعية لديَّ تجاه الطلبة”.
وفي معرض رده على سؤال حول العمل في المكتب الرئاسي، أجاب الأستاذ نسمان أن ذلك عزز لديه بعد التنظيم، ودقة العمل، والالتزام، وأوضح الأستاذ نسمان أن عمله كسكرتير في المكتب الرئاسي له أجواءه الخاصة، من حيث: التواجد الدائم في مكان العمل، والإلمام بالشرائح التي تتعامل معها رئاسة الجامعة، علاوة على الحرص على المبادرة والمثابرة، والقدرة على العمل مع فريق، والعمل تحت الضغط، ومعرفة السياسات العامة للمؤسسة.
الصدارة والمحافظة عليها
وحول حصوله على لقب الصدارة عن فئة الإداريين في الجامعة الإسلامية بغزة عام 2009م، أشار الأستاذ نسمان أنه بقي محافظاً على تقدير الامتياز منذ التحاقه بالعمل بالجامعة، وتوقع أن يحافظ على هذا التقدير لعام 2009م والذي أعلن في شهر نيسان/ أبريل الجاري عن نتائجه.
الأستاذ نسمان الذي ظل يعمل بكد ولباقة حتى وقت إجراء المقابلة الصحفية معه وجه دعوة لزملائه مفادها أن العمل يكون من أجل إرضاء الله والانتماء للمؤسسة، لأن الله سيسخر للإنسان من يساعده في طريقه.