ذوو الاحتياجات الخاصة بالجامعة الإسلامية… عروق تنبض وآمال تتجدد

ذوو الاحتياجات الخاصة بالجامعة الإسلامية… عروق تنبض وآمال تتجدد

“أثبت لمن استهان بقدراتي، واعتبر الإعاقة نهاية حياتي أنني أفلحت أن أكون أفضل من فتيات كثيرات مبصرات بتفوقي وعزيمتي”. بهذه الكلمات عقبت الطالبة ليلى وافي على قرار منحها درجة الماجستير في تخصص علم النفس من كلية التربية بالجامعة الإسلامية بعد مناقشة رسالتها المعنونة: “الاضطرابات السلوكية وعلاقتها بمستوى التوافق النفسي لدى الأطفال الصم والمكفوفين”
تلفت شخصية الطالبة ليلى وافي انتباه المتعاملين معها، ولعل مرجع ذلك إلى العزيمة على البقاء النوعي النابض بالتفوق، والطموح للمستقبل المصحوب بالأمل المتجدد، رغماً عن الإعاقتين البصرية والسمعية اللتين أصيبت بهما منذ نعومة أظافرها.
روت الطالبة وافي قصتها مع فقدان البصر قائلة: “بدأ بصري يتراجع بشكل حاد، ونصحني الأطباء بالتوقف عن الدراسة، وقد أوشكت على الانتهاء من الدراسة في المرحلة الثانوية، وعللوا ذلك للحفاظ على ما تبقى من بصري”، وتابعت الطالبة وافي: “فضلت العلم على البصر، وواصلت تعليمي حتى فقدت بصري بأكمله”، وأضافت أن قصتها مع الإعاقة لم تقف عند فقدان البصر، بل تعدته إلى الفقدان التدريجي للسمع، إلى أن أصبح في مستوياته الدنيا”
بدا واضحاً على الطالبة وافي خلال حديثها أنها على درجة كبيرة من الثقة بالنفس، ذات رغبة جامحة لأن تكون نموذجاً نوعياً ومنتجاً.
حصلت الطالبة وافي على شهادة الثانوية العامة من الفرع العلمي بالمملكة العربية السعودية، واتجهت عند عودتها لقطاع غزة لدراسة تنمية قدرات المعاقين في معهد الهلال الأحمر الفلسطيني إلى أن تخرجت منه بمعدل جيد جداً.

رحلة التعليم والتعلم
التحقت الطالبة وافي في عام (2001م) بقسم علم النفس بجامعة الأقصى، وحصلت منه على درجة البكالوريوس بتقدير جيد جداً، إلا أن الظروف الاقتصادية العصيبة حالت دون إتمامها للدراسات العليا، إلى أن حصلت على منحة “فورد” لدراسة الماجستير في قسم علم النفس في كلية التربية بالجامعة الإسلامية.
وعن التحاقها بالجامعة الإسلامية، عبرت الطالبة وافي عن سعادتها أن تكون الجامعة إحدى المحطات الهامة في حياتها العلمية، وعززت ذلك لأنها وجدت فيها الرعاية والاهتمام، ولم تشعر يوماً بإعاقتها وهي تدرس في برنامج الدراسات العليا -على حد قولها.
وصفت الطالبة وافي ردود أفعال المحيطين بها ما بين التعجب والاستغراب، والشفقة، والتشجيع، ولم تُخف أن تكون هذه الردود أهم المحفزات التي دفعتها لمواصلة الدراسات العليا من جانب، وإثباتها قدرتها على المنافسة من جانب آخر.

التحـديـات
وتحدثت الطالبة وافي عن أن أحد أهم التحديات التي رغبت في اجتيازها في مرحلة الدراسات العليا، هي: أن تقوم بطباعة رسالة الماجستير خاصتها حرفاً حرفاً دون الاستعانة بأحد في أمور الطباعة، وقد صمتت الطالبة وافي طويلاً لتعود بعد ذلك لإكمال حديثها قائلة: “تعرض جهاز الحاسوب الخاص بي في المرحلة الأخيرة من إعداد الرسالة إلى عطل، مما تسبب في فقدان ثلاثة أرباع رسالتي، التي لم أحتفظ بنسخ أخرى منها”، وأكدت أن ذلك لم يهن من عزيمتها، فشرعت بطباعة الرسالة من جديد، وأشارت الطالبة إلى أن التشجيع الذي لاقته من المحيطين بها شكل دافعاً قوياً لها، مما دفعها لإنجاز الرسالة بشكل ومضمون أقوى من ذي قبل.
ودعت الطالبة وافي المجتمع إلى النظر إلى طاقات الإنسان وليس إعاقته، وحثت نظرائها على تعزيز أنفسهم بالإيمان والإرادة والتصميم.
يذكر أن الطالبة وافي حازت عام 2002م على مرتبة المتطوع المثالي في فلسطين، وشغلت منصب أمير سر الاتحاد العام للمعاقين- فرع خانيونس من عام 1997م وحتى عام 2002م، وعملت أخصائية تأهيل في جمعية المستقبل من عام 1998م وحتى عام 2005م، وحاضرت في عدد من المؤسسات حول علم النفس والإعاقة.
وشاركت الطالبة وافي في عدد من الدورات، منها: دورة إعداد كادر بريدي، ودورة في الإسعافات الأولية، وأخرى في التثقيف الصحي، والإدارة، والسكرتارية، واللغة الإنجليزية، والتثقيف الديمقراطي، وكوادر المخيمات الصيفية، إضافة إلى عدد من الدورات في الحاسوب والإنترنت.

x