أجمع المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمته كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية تحت عنوان: “ديوان المظالم ودوره في تحقيق العدالة الشاملة في المجتمع الفلسطيني”، على أن علم القضاء من العلوم الحية والمهمة ويحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث، وأكد المشاركون على أن القضاء والفصل بين الناس في منازعاتهم وخصوماتهم يعتبر من أهم الولايات في المجتمع والدولة؛ لتعلقها بحياة الناس، واعتبر المشاركون أن استحداث ولاية المظالم يعبر عن مدى الرقي في الحياة القضائية في الإسلام التي تتناغم مع طبيعة الحياة ومستجداتها، وأشار المشاركون إلى أن ديوان المظالم يقوم بمراقبة تطبيق أحكام الشرع والرقابة الإدارية والمالية على موظفي الدولة، وفصل الخصومات بين الناس، إلى جانب أن للديوان صلاحيات واسعة تفوق ما أعطى لقاضي ولاية القضاء العامة والخاصة، وشدد المشاركون على أهمية استقلال القضاء، والتوعية القضائية في المجتمع، وإيجاد منظومة قضائية تنظم عمل المحاكم، وطرح المشاركون صلاحيات لديوان المظالم المقترح، هي: النظر بالمظالم والشكاوى المقدمة ضد المؤسسات والدوائر والهيئات والمتابعة لمجلس الوزراء، والنظر في المظالم والشكاوى المتعلقة بمتابعة تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة ضد المؤسسات الحكومية، إلى جانب النظر في المظالم والشكاوى التي تقدم إلى وحدات ودوائر الشكاوى في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وأكد المشاركون على دور ديوان المظالم في تطوير الجهاز القضائي بما يتناسب مع نمط الحياة المعاصرة، واستخدام كل التقنيات المتاحة من أجل تسهيل عملية التقاضي وتوثيق أحكام القضاء وسهولة تداولها والرجوع إليها.
وقد انعقد اليوم الدراسي في قاعة المؤتمرات العامة بمبنى طيبة للقاعات الدراسية بحضور معالي الأستاذ محمد الغول –وزير العدل وشئون الأسرى والمحررين، والدكتور ماهر الحولي –عميد كلية الشريعة والقانون، والأستاذ الدكتور مازن هنية –رئيس لجنة الإفتاء بالجامعة، رئيس اللجنة العلمية، والأستاذ رفيق رضوان –رئيس الجلسة الافتتاحية، وأعضاء اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي، وأعضاء هيئة التدريس في كلية الشريعة والقانون، وجمع من الوجهاء ورجال الإصلاح في قطاع غزة وطلاب وطالبات كلية الشريعة والقانون.
الجلسة الافتتاحية
وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لليوم الدراسي، بين معالي الأستاذ الغول أن اليوم الدراسي يعد إضافة نوعية إلى مسار العمل العلمي، وأشاد معالي الأستاذ الغول بالجهود المبذولة من كلية الشريعة والقانون في تخريج دفعات من الطلبة محط مسئولية في العمل القضائي والقانوني في قطاع غزة، وتحدث معالي الأستاذ الغول عن الإنجازات التي حققتها وزارتي العدل وشئون الأسرى والمحررين في ظل تعطيل القضاء الجزائي والأحكام الصادرة من المحاكم، ومنها: إنهاء مسألة الفساد كلياً على مستوى القضاء والنيابة ، وتوحيد أقطاب القضاء تحت مظلة السلطة القضائية، وإنشاء معهد للقضاء ليكون رافداً قوياً وموجهاً للوجهاء وأجهزة السلطة لنشر العدل بين الناس، إضافة إلى إنشاء لجنة رصد وتوثيق الجرائم، وإنشاء الشرطة القضائية في إطار العمل القضائي لتحقيق العدالة.
تحقيق العدالة الشاملة
بدوره، أوضح الدكتور الحولي أن اليوم الدراسي السادس عشر يساهم في مساندة ومساعدة جهات الاختصاص على تحقيق العدالة الشاملة لأبناء المجتمع، وأكد الدكتور الحولي على المعاني الطيبة والقيم البناءة التي تسود المجتمعات في ظل استعادة الحقوق ونشر العدل والسلام والأمان بين المواطنين، وبين الدكتور الحولي أن الرسالات السماوية والدين الإسلامي جاءت لتدعم الخير، ولفت الدكتور الحولي إلى مقام العدل في الإسلام وثوابه عن الله عز وجل وجزاء صاحب العدل يوم القيامة، وأوضح الدكتور الحولي أن الدراسات أن يقدمها المشاركون في اليوم الدراسي جاءت من واقع الشعور بالمسئولية لمعالجة ما هو قائم وصولاً للمساهمة في قيادة المجتمع نحو العدل والمساواة والرشاد.
درب الحق والعدل
من جانبه، لفت الأستاذ الدكتور هنية إلى أن الشرائع السماوية التي تنزلت من السماء جاءت لتسدد خطى الإنسان في الحياة على درب الحق والعدل والمساواة، مبيناً أن الشرائع جاءت لتصلح شأن الإنسان وتبدد الظلم والظلام في الحياة الإنسانية وتضع حد للظالمين، وبين الأستاذ الدكتور هنية أن الشريعة الإسلامية من أعظم شعاراتها إنهاء الظلم وإنصاف الإنسان، واسترشد الأستاذ الدكتور هنية بمواقف النبي والصحابة والتابعين في إقامة العدل بين الناس وإعادة الحقوق والأمانات إلى أهلها وهو ما يؤصل لمبدأ أن الناس أمام الحق والعدل والقانون سواء.
الجلسة الأولى
وبخصوص الجلسات العلمية لليوم الدراسي، فقد انعقد اليوم الدراسي على مدار ثلاث جلسات علمية، حيث ترأس الجلسة العلمية الأولى الدكتور زياد مقداد –عميد الدراسات العليا في الجامعة، وعضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والقانون والتي جاءت تحت عنوان: “أهمية مؤسسات القضاء ودورها في المجتمع”، وأوصى الأستاذ عاطف أبو هربيد –مشرف الدراسات العليا، عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والقانون، من خلال الورقة التي قدمها بعنوان أهمية القضاء في الإسلام- بالاهتمام بالجانب القضائي علمياً وتطبيقياً ونظامياً بحيث يبقى مواكباً لتطورات العصر فيما يتعلق بجماله من حيث وسائل الإثبات وتنظيم إجراءات القضاء واختصاصات المحاكم، إلى جانب وضع أنظمة وقوانين لمراقبة ومتابعة أعمال القضاة وإجراءاتهم للتأكد من أنها تسير على أصولها وقواعدها، وعقد دورات تأهيلية للقضاة علمياً وعملياً وإعدادهم جيداً قبل انخراطهم في ميادين العمل القضائي.
نظام المؤسسات القضائية
وتحدث الأستاذ سعيد أبو الجبين –رئيس مجلس التفتيش القضائي، عضو المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، عن نظام المؤسسة القضائية في الإسلام مشيراً إلى تعريف القضاء ومشروعيته وحكمه ومكانته وشروطه وآدابه، وتطرق الأستاذ أبو الجبين إلى مفهوم محاكم المظالم، وشروطها، ومهماتها، وتعيين قضاة المظالم وعزلهم، وأوصى الأستاذ أبو الجبين بالعمل على إيجاد منظومة قضائية تنظم عمل المحاكم بجميع أنواعها وعمل الهيكلية التنظيمية ودراسة قوانين الدول الإسلامية التي تطبق الشريعة الإسلامية في أي جانب من جوانبها.
وسائل التقاضي في الإسلام
وتناول الدكتور ماهر السوسي –نائب عميد كلية الشريعة والقانون، وسائل التقاضي في الإسلام، وهي: القضاء، وقضاء المظالم، وقضاء الحسبة، والتحكيم، وأوصى الدكتور السوسي بواجب الدولة في إرساء مبدأ العدالة في التقاضي، وتلمس مظالم المجتمع ومعالجتها حسب مقتضيات الشرع ، إلى جانب الحفاظ على هيبة القضاء واستقلاله واحترامه من قبل الجمهور وتمكنه من أداء مهمته على الوجه المشروع.
الجلسة الثانية
وبخصوص الجلسة الثانية، فقد ترأسها الأستاذ صادق قنديل –عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والقانون- وتناولت الجلسة: “مفهوم ديوان المظالم وأصوله التشريعية والقانونية”، وتطرق خلال الجلسة الدكتور ماهر الحولي –عميد كلية الشريعة القانون- إلى نشأة ديوان المظالم ومفهوم مشروعيته، وشروطه، وفكرة ولاية المظالم، وتطورها التاريخي، والتنظيم الإداري لديوان المظالم، وخلص الدكتور الحولي إلى أن وجود وظيفة القضاء في الإسلام يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية الداعية إلى درء المفاسد، وجلب المصالح، ودفع الظلم عن الناس، ورد الحقوق إليهم.
التأصيل الشرعي والقانوني لديوان المظالم
وتحدث الأستاذ الدكتور مازن هنية –رئيس لجنة الإفتاء بالجامعة، رئيس اللجنة العلمية لليوم الدراسي، عن التأصيل الشرعي لديوان المظالم، في حين تناول الدكتور نافذ المدهون –عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والقانون، التأصيل القانوني لديوان المظالم مشيراً إلى مهام وصلاحيات ديوان المظالم، ومنها: النظر في الشكاوى المتعلقة بأي من القرارات أو الإجراءات أو الممارسات أو أفعال الامتناع الصادرة عن الإدارة العامة أو موظفيها، والتوصية بتبسيط الإجراءات الإدارية لغايات تمكن المواطنين الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الإدارة العامة بفاعلية ويسر، وأوضح الدكتور سليمان الداية- عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والقانون الآثار المترتبة على إنشاء ديوان المظالم.
الجلسة الثالثة
وقدم المستشار محمد عابد- النائب العام- ورقة عمل لليوم الدراسي حول آلية إنشاء ديوان المظالم في الوقت الحاضر، مشيراً إلى أهم مراحل تأسيس ديوان المظالم وفقاً للقانون، وتبعية ديوان المظالم، والسلطة الممنوحة لديوان المظالم.
نطاق عمل ديوان المظالم وعلاقته بمؤسسات الدولة
وتحدث الدكتور حسن الجوجو- رئيس مجلس القضاء الشرعي الأعلى- عن نطاق عمل ديوان المظالم، واختصاصات والي المظالم، وهي: مراقبة تطبيق أحكام الشرع، ومراقبة أعمال الموظفين، وفصل الخصومات، وأوصى الدكتور الجوجو بالعمل على تفعيل ديوان المظالم بالصلاحيات المعطاة له حسب ما جاء في كتب الفقه، وإقرار قانون ديوان المظالم من الجهات المختصة حتى لا يكون هناك تضارب بين صلاحيات الديوان والمحاكم الأخرى، وتحدث معالي الأستاذ محمد الغول –وزير العدل وشئون الأسرى والمحررين- عن علاقة ديوان المظالم بمؤسسات الدولية.