بالشراكة مع المجلس الأعلى للقضاء ونقابة المحامين الشرعيين

الجامعة الإسلامية تنظم يومًا دراسيًا بعنوان “الأسرة بين مقاصد الشريعة والمواثيق الدولية”

الجامعة الإسلامية تنظم يومًا دراسيًا بعنوان “الأسرة بين مقاصد الشريعة والمواثيق الدولية”

 

 

 

نظمت لجنة الإفتاء في الجامعة الإسلامية بالشراكة مع المجلس الأعلى للقضاء الشرعي ونقابة المحامين الشرعيين يوما دراسيا بعنوان (الأسرة بين مقاصد الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية)؛ بحضور الشيخ الدكتور حسن علي الجوجو رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي ورئيس المحكمة العليا الشرعية، والأستاذ الدكتور عاطف أبو هربيد رئيس لجنة الإفتاء في الجامعة الإسلامية، والدكتور صادق قنديل عميد كلية الشريعة والقانون، والأستاذ أيمن أبو عيشة نقيب المحامين الشرعيين، وذلك في قاعة المؤتمرات بمبنى طيبة بالجامعة الإسلامية بحضور لفيف من قضاة المحاكم الشرعية، وأعضاء من نقابة المحامين الشرعيين، وعدد من أساتذة وطلبة كلية الشريعة والقانون.

 

نتائج اليوم الدراسي

وقد خلص اليوم الدراسي إلى عدد من النتائج، من أهمها ضرورة أن يتجه ميثاق الأسرة في الإسلام إلى سدِّ حاجة من حاجات البشرية في أهم مكوناتها، وهي: الأسرة، ويكشف بهذا الميثاق عن عدالة الإسلام ورحمته، ويُسره وسماحته، واعتداله ووسطتيه في أمره كله، وعلى رأسها نظام الأسرة الذي يُعتبر القلب النابض لغيره من النظم؛ لأن الأسرة نواة المجتمع، وبذرته ووحدة تكوينه؛ بل هي صورة مصغرة عنه.

وكذلك التأكيد على أن للأسرة في الإسلام دور كبير في تربية أجيال المستقبل، والمحافظة على هُوية وثقافة المجتمع وتماسكه، والمواثيق الدولية لم تعطها الاهتمام اللائق بها؛ بل إن كثيراً من الوثائق المعنية بالمرأة خلت بنودها تماماً من أية إشارة للأسرة بمفهومها الطبيعي والفطري، واكتفت بتناول المرأة كفرد مقتطع من سياقه الاجتماعي، أو يتم ذكرها بشكل نادر وهامشي في سياق يؤدي من خلال التطبيق إلى إضعاف الأسرة وهدمها، ومن هذه السياقات المطالبة بتحديد النسل أو تقييد صلاحيات الآباء في التربية، وقد أطلقت عليه الوثائق: “العنف في نطاق الأسرة”، أو أن يأتي المفهوم في منتهى الخطورة، وهو: ضرورة الاعتراف بوجود أشكال أخرى للأسرة.

وأن الكثير مما ورد في بنود الاتفاقيات الدولية لم يكن في صالح الأسرة، ولا في صالح البشرية، ولا نعلم لمصلحة من يتم هذا؟ فيحل الصراع والتنافس محل المودة والرحمة والسكينة، وتتحول العلاقة بينهم إلى علاقة تعاقدية ذات مكسب وخسارة بدلاً من أن يُؤْثر كل منهم الآخر بما لديه فتتماسك الأسرة وتنمو، وهنا السؤال هل من مصلحة البشرية ضياع المقاصد من حفظ النسل، فينصرف الشباب عن الزواج القائم على أسس الفطرة السليمة إلى العلاقات المحرمة، وعندها تعود على المجتمع الكوارث المفككة له، والمضعفة لكل الطاقات البشرية.

والإشارة إلى أن العديد من القضايا المهمة تتمحور حولها بعض اتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بالمرأة والطفل تمس الأسرة بشكل مباشرة، وتؤثر عليها تأثيراً خطيراً، من حيث التركيب، والقيم، والهوية، والتماسك. ومن أهم تلك القضايا العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة خارج وداخل الأسرة بغض النظر عن الرباط الشرعي، وما تنتجه تلك العلاقات غير المنسجمة مع الطابع الإنساني الفطري السليم، وخطورة اتفاقية سيداو أنها تجعل من نفسها المرجعية والبديل التشريعي لقوانين الأسرة والمرأة في كل بلاد العالم، دون مراعاة لخصوصية البلاد ودياناتهم، وهم بهذا يخالفون ما ينادون به من ضرورة احترام خصوصية الفرد في وطنه ودينه، وأخطر بنودها المتعلقة بالأسرة (15-16)، والسؤال الآخر لماذا تمارس الضغوط على الحكومات للتوقيع والتصديق على هذه الاتفاقيات؟، حيث هذا أيضاً: يؤكد على أنهم ينادون باحترام الإنسان ثم يقهرونه بالتوقيع على ما يتناقض مع دينه وفطرته.

وأكدت النتائج على أن الأسرة المسلمة تشكل هُوية الأمة وأنها هي المستهدفة، واستهداف الثقافة الأسرية يعني بشكل مباشر استهداف للدين، وهذا يُلقي بالمسؤولية الكبيرة على علماء الأمة، وأن يعالجوا الأفكار الواردة بطريقة علمية على أُسس الوسطية والاعتدال، ليشكلوا بهذا حماية للإسلام وأهله، ويظهروا الاعتزاز بدين الله بصورة تُعبر عن حضارة الإسلام وعالميته.

وأوضحت نتائج اليوم الدراسي أن الشريعة الإسلامية وضعت الضمانات الكافية لإنجاح الأسرة وفق ما أراده الله، بداية من حثِّ الإنسان على الزواج وترغيبه فيه بطرق شتى، مروراً بالخِطبة وما يتعلق بها من اختيار ورضى ثم جعل للزواج أركاناً حيث لا يصح إلا بوجودها، كما وضع مجموعة من الضمانات التي تلزم الزوجين القيام بالواجبات المنوطة بهما حماية لحقوقها بصفة خاصة، وحقوق الأسرة بصفة عامة.

وشددت على أن هدم المجتمع والأمة تكون بدايته بهدم الأسرة، وهدم الأسرة يكون بإفساد المرأة، وقد استطاعت الدول الغربية بدعوى حماية حقوق المرأة وتحقيق المساواة أن تخترق الأسرة وتزعزع أركانها، وفي سبيل تحقيق مجموعة من الأهداف غير المنسجمة مع الفطرة، عقدت مؤتمرات دولية نتجت عنها معاهدات واتفاقيات تدعو لتنفيذ مضمون هذه الاتفاقيات، منها اتفاقية سيداو التي التزمت الدول التي صادقت عليها بتنفيذ بنودها، وحددت لمتابعة ذلك الجمعيات النسوية من شتى أقطار العالم، وأصبحت هذه الجمعيات مصدر تشويش واضطراب داخل المجتمع، لا عامل مساعدة للمرأة والأسرة، بل يجب رد ما يقولونه، والتحذير من ضرورة توفير الحماية للمصلحة الفردية فقط، التي تعرض مصلحة الأسرة إلى الضياع.

ونوهت إلى أن من الضمانات القانونية لحماية الأسرة أن قانون الأحوال الشخصية من المادة 1 حتى المادة 69، ومن المادة 70 إلى المادة 119، ومن المادة 150 حتى المادة 211، ومن المادة 212 حتى المادة 216، كلها تنظم حقوق المرأة والطفل، ورعاية الأسرة.

توصيات اليوم الدراسي

وخلص اليوم الدراسي بعدد من التوصيات من أبرزها، دعوة الحكومات الإسلامية إلى مراجعة الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها للوقوف على البنود التي تتعارض مع الأحكام الشرعية، وعرض كافة الاتفاقيات الدولية، وخاصة المتعلقة بالمرأة والطفل، على أهل الاختصاص في الشريعة والقانون قبل إصدارها والتوقيع عليها، لضبطها بميزان الشرع.

والارتقاء بأقسام الإرشاد والإصلاح الأسري في المحاكم وتطويرها، لأنها أصبحت ضرورة مُلحة يقتضيها الوضع الاجتماعي، وذلك لمساعدة الأسرة على التماسك حماية لها من كل الأفكار الدخيلة عليها، لتتمكن من أداء وظيفتها ورسالتها السامية في المجتمع والحياة.

وكذلك ضرورة قيام الجهات المختصة بالعمل على تطوير المناهج التعليمية التربوية باستمرار لتساهم في تهيئة الأبناء والشباب لبناء أسرة مستقيمة والاهتمام بها.

والتأكيد على ضرورة منع الجهات المختصة جميع الثقافات والدعوات التي تسعى إلى تمييع مفاهيم الإسلام، وأحكامه بدعوى تطوير الإسلام؛ ليتناسب مع متطلبات العصر والواقع.

x