
أطلق مركز “إيوان” للتراث الثقافي بكلية الهندسة بالجامعة الإسلامية أعمال مشروع الترميم الطارئ لأرضية فسيفساء “عبسان” في مدينة “عبسان الكبيرة”، وذلك بالشراكة مع بلدية عبسان الكبيرة ووزارة السياحة والآثار، وبتمويل من صندوق الأمير كلاوس لحماية التراث الثقافي في مناطق الخطر.
وفي سياق الموضوع، أوضح الدكتور أحمد الأسطل- مدير مركز إيوان، أن هذا المشروع يهدف إلى تعزيز حماية الموقع الأثري ووقف الضرر الواقع عليه نتيجة الهجر والإغلاق، إضافة إلى صيانة أرضية فسيفساء عبسان، وترويج الموقع والتعريف به في المجتمع المحلي من خلال إعادة افتتاحه للزوار من كافة أنحاء قطاع غزة.
وأفاد الدكتور أيمن حسونة- المشرف الفني على أعمال الترميم في الموقع، أن مراحل المشروع، تشمل: تنظيف محيط الأرضية الفسيفساء وإزالة الأتربة والأوساخ، ثم إعادة بناء السور الطيني المحيط بالأرضية، ثم صيانة وترميم قطع الفسيفساء حسب المناهج والأصول العلمية المعمول بها عالميًا.
وأكد الدكتور حسونة أن فريق العمل في المشروع يضم عدد من المختصين وأصحاب الخبرة الذين شاركوا في أعمال ترميم أثري وصيانة سابقة للفسيفساء.
ونوه الدكتور حسونة إلى أن هذا الموقع الأثري له قيمة أثرية عالية؛ نظراً لاحتوائه على أرضية فسيفساء بيزنطية تنتمي إلى مدرسة الفسيفساء البيزنطية المحلية في جنوب فلسطين، وتشابهت مع أرضيات فسيفساء كلاً من كنسية “مخيتم”، كنيسة القديس “هيلاريون”، أرضية “أصلان”، أرضية دير البلح.
وذكر الدكتور حسونة أن هذا الموقع كان بيتاً لأحد القديسين في العهد البيزنطي، ولما توفى تم دفنه في البيت، وتم إقامة الفسيفساء حوله، وتحول إلى ضريح، وفي العصر العثماني دفن بجواره أحد الصالحين (الشيخ إبراهيم)، وأصبح مكاناً مقدساً لدى المسلمين أيضاً حيث تم تسميته (مقام الشيخ إبراهيم) وهو لا يزال إلى يومنا هذا يحمل نفس الاسم، كما يحتوي الموقع من جهته الشمالية مساحة صغيرة مكشوفة تحتوي قبور إسلامية وأخرى بيزنطية.
ولفت المهندس محمود البلعاوي- مسئول المشروع، إلى أن المشروع يأتي في إطار استراتيجية المركز في الحفاظ على المواقع الأثرية في قطاع غزة بعد النجاحات المستمرة التي حققها المركز في ترميم المباني التاريخية، وبين أن ظروف الإهمال والهجر للموقع أدت إلى عدة أضرار، أهمها: غياب الموقع من ذاكرة الأجيال وضعف الوعي المجتمعي به، وتهتك أرضية الفسيفساء وانفصال طبقاتها وتشكل طبقة كثيفة من الأتربة والغبار فوقها، وتهتك الحجارة الأثرية التي تحتضن أرضية الفسيفساء، وتهتك حجارة القبور الأثرية ونمو أعشاب كثيفة حولها.
وأوضح المهندس البلعاوي أن المشروع سيعمل على تعزيز ديمومة الموقع وأرضية الفسيفساء وبقاءها عبر ترميمها وإزالة الأضرار الواقعة عليها، وتوثيقها وإصدار أول خريطة رسمية ونشرها، وكذلك تعزيز الوعي المجتمعي والترويج للموقع وزيادة عدد زواره عبر أنشطة توعوية تفاعلية مع المجتمع المحلي، وبناء قدرات عدد من خريجي الآثار والعمارة في ترميم الفسيفساء وتوثيقها؛ إضافة إلى إشراك فئات مجتمعية مختلفة في الحفاظ على الموقع وتعزيز حمايته.