
أكد المتحدثون في جلسات اليوم الدراسي المعنون الواقع السياسي الفلسطيني بعد إجراء الانتخابات التشريعية الثانية على وجود مجموعة من التحديات الخارجية والداخلية التي تواجهها الحكومة المقبلة، مشددين على ضرورة أن يكون التحرك السياسي محكوم بالمبادئ، وقائم على أساس أن العدل أساس العدل، إضافة إلى أن السلطة وسيلة لتعزيز الأمن والعدل والسلامة الشاملة، وكان قسم الاقتصاد والعلوم السياسية بكلية التجارة في الجامعة الإسلامية نظم أمس يومه الدراسي في قاعة المؤتمرات الكبرى في الجامعة بحضور عدد من الأكاديميين، والإعلاميين، والباحثين، وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، والسياسيين، والمهتمين، وممثلي المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة.
بدوره تحدث د. كمالين شعث-رئيس الجامعة الإسلامية، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لليوم الدراسي عن التجربة الديمقراطية التي تمخضت عن يوم التصويت للانتخابات التشريعية الثانية، واستعرض د. شعث الظروف المختلفة التي مرَّ بها الشعب الفلسطيني من خلال المراحل السياسية التي عاشها منذ الاحتلال البريطاني، مروراً بنكبة عام 1948م، وتناول د. شعث التجارب الانتخابية التي مرت بها الجامعات، والنقابات، واتحادات الطلبة، والانتخابات البلدية، إضافة إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وأشاد د. شعث بالروح العالية والوطنية التي رافقت سير الانتخابات التشريعية الثانية، والتي تمخض عنها تجربة ديمقراطية تضاهي تجربة المجتمعات العريقة في تجربتها الديمقراطية وذكر د. شعث أن الجامعات يجب أن تكون منارات للعلم، وللتنوير، وللموضوعية، موضحاً أهمية نقل صور التقدم، والتمسك بأصول هذا المجتمع، وأكد على أن الجامعة الإسلامية تشدد على قيم المجتمع ضمن مساعيها لحفاظ الأجيال المتتالية على التمسك بالقيم، إلى جانب أنها تفتح آفاقاً للانفتاح على المجتمع وقضاياه، علاوة على كونها تكون لدى المواطن قناعات مبنية على النقاش، وإتاحة الآليات لتبادل الرأي بين الجهات المختلفة للتوصل إلى البرامج التي تأخذ المجتمع إلى بر الآمان.
دراسة تحليلية
وقد عرض د. سمير صافي-رئيس قسم الاقتصاد والعلوم السياسية في كلية التجارة دراسة تحليلية في ضوء نتائج الانتخابات التشريعية الثانية، قارن خلالها بين نتائج الانتخابات الفلسطينية بين الضفة الغربية، وقطاع غزة، ومدينة القدس، مؤكداً أن النسب والأرقام الواردة في الدراسة التحليلية التي عرضها تستند إلى النتائج النهائية التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية، وقدم د. صافي عرضاً لنسب المقترعين على مستوى الوطن في الأماكن الثلاثة المذكورة، مبيناً نسب الاقتراع من أعلاها إلى أدناها، إلى جانب أعداد المتنافسين على مقاعد المجلس التشريعي، وأعداد الفائزين سواء كان ذلك على مستوى القوائم، أو الدوائر وقارن د. صافي بين مرشحي كل من قائمة التغيير والإصلاح، وحركة فتح، سواء كان ذلك على مستوى القوائم أو مستوى الدوائر.
جلسات المؤتمر
واشتمل اليوم الدراسي على أربع جلسات، حيث تناولت الجلسة الأولى التحول الديمقراطي في فلسطين، أما الجلسة الثانية فتناولت التبعات السياسية للانتخابات التشريعية، فيما عرضت الجلسة الثالثة لحركة حماس وبرنامج الحكومة المقبلة، استعرضت الجلسة الرابعة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطنيية.
التحول الديمقراطي في فلسطين
وبخصوص الجلسة الأولى الخاصة بالتحول الديمقراطي في فلسطين فقد ترأسها د. خليل النمروطي، وتحدث خلالها كل من: أ.د. عاطف عدوان-عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، د. علاء الدين الرفاتي-عميد كلية التجارة، أ. رامي عبده-الخبير المالي.
وتحدث أ.د. عدوان عن التحديات الخارجية والداخلية التي تواجهها الحكومة القادمة، موضحاً أنه من بين التحديات الخارجية: الضغط المستمر على حركة حماس للاعتراف بالكيان الصهيوني، إضافة إلى الضغط على حركة حماس، وكذلك الانتشار الإعلامي الواسع للحركة الصهيونية، وقدرة هذا الإعلام على قلب الحقائق.
وعرض أ.د. عدوان التحديات الداخلية، ومن أهمها: شح الموارد، وفوضى السلاح والفلتان الأمني، وعدم قناعة البعض بنتائج الانتخابات، وشدد أ.د. عدوان على أن تكون الحكومة القادمة حكومة وحدة وطنية، قادرة على التنسيق بين الفصائل بما يخدم الوحدة السياسية الداخلية، ويعزز السياسة الإيجابية لتوزيع الأدوار.
وفي إطار حديثه عن التحديات الاقتصادية تحدث د. الرفاتي عن الخلل الموجود في الاقتصاد الفلسطيني، والمناخ الاستثماري غير الملائم للاستثمارات في فلسطين وأوضح د. الرفاتي أن الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني تستدعي أن تتوفر أمام الشعب والحكومة المقبلة خطة متكاملة، وأشار د. الرفاتي إلى أن ثلاث مكونات تتكون منها هذه الخطة، أولها انعاش الاقتصاد الفلسطيني وإغاثته، وتناولها الرفاتي تحت عنوان:
” تعزيز مشروع التحرير”، وذكر د. الرفاتي أن ذلك يحتاج إلى مجموعة من المحددات منها: تخفيض أسعار السلع الأساسية، وتوفير وخلق فرص عمل للحد من معدلات البطالة المرتفعة، إلى جانب تعديل عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بحيث تخدم التعديلات مصلحة الشعب الفلسطيني، مؤكداً على ضرورة ربط المساعدات الإغاثية بالمسار التنموي، أما الجانب الثاني من الخطة المتكاملة فطرحه د. الرفاتي تحت مسمى الخطة متوسطة الأجل، والهادفة إلى تعزيز الاستقلال الاقتصادي، وتعزيز سياسة إحلال الواردات، أما الجانب الثالث من هذه الخطة فيتمثل في تعزيز مشروع التنمية، وتحقيق الرفاهية للشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أنه يمكن الاستفادة في تحقيق هذا الجانب من الموارد البشرية المؤهلة، والمتوفرة لدى الشعب الفلسطنيي.
وتطرق أ. عبده إلى ضرورة تهيئة مناخ الاستثمار في فلسطين من خلال تبسيط الاجراءات التنظيمية ذات العلاقة بتشجيع الاستثمار، ورصد أ. عبده بعض مؤشرات الأداء التنظيمي الواردة في التقرير السنوي، الذي أعده البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، وبين عبده أنه تم رصد تلك المؤشرات مثل: الإجراءات المطلوبة للبدء بالمشاريع، وتسجيل الملكية، والضرائب المدفوعة وحماية المستثمرين، ومقارنتها مع المتبع دولياً، بغرض تسهيل الاستثمار، وأكد أ. عبده على أن التقرير يصنف الأراضي الفلسطينية على أنها تحتل المرتبة 125 من أصل 155 دولة في مؤشر سهولة الأعمال.