
أجمع أكاديميون ومختصون على أن توفير الأمن للمواطن والمجتمع يعد من أهم الأعمال التي تقوم بها الشرطة؛ وردوا ذلك لكونه يعتبر ضرورة من ضروريات الحياة، وفضلاً من الله وأساساً للتقدم البشري، وبينوا أن القوة والأمانة صفتان رئيستان لازمتان لرجل الشرطة، واتفق المتحدثون على أن المفاهيم الشرطية تمتد لتشمل بناء الشخصية المؤهلة للقيام بالدور الريادي لرجل الشرطة، وأوضحوا حاجة رجل الشرطة إلى المعارف المتجددة القادرة على التأثير الإيجابي على سلوكه وممارسته اليومية، كي يكون قادراً على تحقيق رسالته.
وكانت كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية نظمت ورشة عمل حول: “الاحتياجات المعرفية الملحة لمتطلبات العمل الشرطي المعاصر”، وحضر الجلسة الافتتاحية لورشة العمل الدكتور كمالين كامل شعث –رئيس الجامعة الإسلامية، والدكتور ماهر الحولي –عميد كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية، واللواء توفيق جبر –مدير عام الشرطة، والدكتور مازن هنية –عميد الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية، والدكتور محمد النحال –رئيس قسم الشريعة والقانون بكلية الشريعة والقانون، أستاذ القانون العام المساعد، والدكتور أحمد شويدح –رئيس لجنة الإفتاء، ولفيف من الخبراء والمختصين، والمهتمين.
بدوره، أبدى الدكتور شعث اهتمام الجامعة الإسلامية بتقديم خدماتها للمجتمع، وأكد الدكتور شعث أن الجامعة ترفع شعار أنها من المجتمع وإلى المجتمع، وأطلع المشاركين في الورشة على تأدية الجامعة الإسلامية من خلال ثلاث خطوط عامة رئيسة هي: تقديم خدمة التعليم العالي، وتشجيع البحث العلمي، وخدمة المجتمع المحلي.
وتضمنت ورشة العمل ثلاثة محاور، حيث اختص المحور الأول بالواقع المهني والعملي لرجل الشرطة، أما المحور الثاني فتعلق بالاحتياجات الشرعية لرجل الشرطة، وناقش المحور الثالث الاحتياجات القانونية لرجل الشرطة.
الواقع المهني والعملي
من ناحيته، أكد اللواء جبر حرص الشرطة على رفع راية القانون، وتحقيق العدل للجميع، وأشار إلى أن الشرطة يجب أن تجد المناخ الاجتماعي للقيام بواجباتها، وأبدى اللواء جبر اهتمامه بأنه يكون الشرطي على درجة من اللياقة النفسية تؤهله للتعامل مع المدنيين، وقدر أهمية وجود نخبة من القيادة الشرطية المتعلمة والواعية بظروف المجتمع الفلسطيني، وأكد اللواء جبر العزم على الارتقاء المستمر بالمستوى الداخلي للشرطة، والحفاظ على إطارات العمل الناظمة لعمل الشرطة، لافتاً إلى ضرورة أخذ الأبعاد الإنسانية بعين الاعتبار عند التعامل مع المواطنين، وشدد على أن علاقة المواطن برجل الشرطة يجب أن يحكمها الاحترام المتبادل.
الاحتياجات الشرعية
وتحدث الدكتور الحولي عن الاحتياجات الشرعية لرجل الشرطة، وتناول اهتمام الإسلام بتوفير الأمن للفرد والمجتمع، واستعرض الدكتور الحولي مظاهر تطبيق الشرطة للعدل، ومنها: الحفاظ على الهدوء والسكينة العامة، وحماية النفس البشرية والعقل البشري، والحفاظ على الأموال، والأخلاق، واستقرار المجتمع، وأمن الدولة، واقتصاديات المجتمع، فضلاً عن ضمان الحقوق والحريات الفردية.
وحول الصفات التي ينبغي توفرها في رجل الشرطة، ذكر الدكتور الحولي أنها تضم صفتين رئيستين، هما: القوة والأمانة، وبخصوص القوة أوضح الدكتور الحولي أن رجل الشرطة يجب أن يكون سليم البنية، وعلى درجة كبيرة من اللياقة البدنية، وتابع أن الإيمان والتقوى والتعاون والعلم تعتبر من مقومات القوة.
وعرض الدكتور الحولي مظاهر وأساسيات للتقوى ينبغي أن يطبقها رجل الشرطة، وهي: العفو، والعدل، والقول السديد، وضبط النفس، والاستقامة، وإتيان البيوت من أبوابها، والصدق والوفاء بالعهد.
وعن صفة الأمانة، أوضح الدكتور الحولي أن أفراد الشرطة ملتزمون كغيرهم أن يكونوا أمناء، منوهاً أن هذه الصفة تأخذ طابعاً خاصاً لدى رجل الشرطة، وأضاف أنه يستمد من رسالة الشرطة في تحقيق المصالح المعتبرة شرعاً في الحفاظ على النفس والمال والعقل والنسل والدين.
وقسم الدكتور الحولي الأمانة إلى قسمين، الأولى: أمانة متعلقة بأطراف العمل توجب على رجل الشرطة أن يكون أميناً مع رؤساءه ومرؤوسيه سواء كان ذلك في نقل الوقائع، أو تعليم المعرفة، أما الثانية فهي أمانة متعلقة بالتعامل مع المواطنين، تتطلب أن يدرك رجل الشرطة أن تحقيق الأمن يأتي من خلال أداء الأمانة كاملة إلى أهلها.
وتناول الدكتور الحولي الإجراءات القانونية التي يتعين على رجل الشرطة الالتزام بها، ولفت إلى أن هذه الإجراءات المستمدة من الشريعة الإسلامية يؤدي الإخلال بها أو مخالفتها إلى البطلان، وأجملها الدكتور الحولي في: الاستجواب والمواجهة، والتفتيش، والقبض، والشهادة، والمعاينة، وتحدث على توجيهات الشريعة الإسلامية في التعامل مع تلك الإجراءات.
الاحتياجات القانونية
من ناحيته، قال الدكتور النحال إن رسالة جهاز الشرطة تتجلى في ترسيخ الإحساس بالأمن، وصون الحقوق من الانتهاك، وتقديم الخدمات المجتمعية التي يشعر الناس من خلالها بالرضا، وأوضح أن هذه المسائل تحدد نوع الثقافة التأهيلية التي تمكن رجال الشرطة من تحقيق غاياتهم الحقيقية.
وحول نوعية المعارف القانونية التي يحتاجها رجل الشرطة، أفاد الدكتور النحال أنها تشمل المعلومات القانونية العامة التي ينبغي لكل رجل شرطة التزود بها، إضافة إلى المعلومات والمعارف القانونية التخصصية.
وذكر الدكتور النحال أن رجل الشرطة يحتاج إلى نوعين من الاحتياجات والمعارف، وتابع أن النوع الأول يتمثل في المعارف النظرية القانونية التي تنسجم مع أخلاقيات رجل الشرطة، أما النوع الثاني فيتضح في المعرفة الإجرائية العملية.
ولفت الدكتور النحال إلى بعض القضايا المؤثرة في سلوك رجل الشرطة، مثل: إدراك رسالة جهاز الشرطة، والتعرف على متطلبات العمل القانونية في ضوء التخصصات الفنية للشرطة، وتحديد الاحتياجات القانونية لرجال الشرطة على شكل برنامج تدريبي.