نظم قسم الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي في كلية التربية بالجامعة الإسلامية بغزة يوماً دراسياً حول الآثار النفسية والاجتماعية لحصار قطاع غزة، وقد حضر الجلسة الافتتاحية لليوم الدراسي التي انعقدت في قاعة المؤتمرات العامة بمبنى طيبة للقاعات الدراسية كل من: النائب المهندس جمال ناجي الخضري –رئيس مجلس أمناء الجامعة الإسلامية، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، والدكتور كمالين كامل شعث –رئيس الجامعة الإسلامية، والأستاذ الدكتور محمود أبو دف –عميد كلية التربية، والدكتور سمير قوتة –رئيس قسم الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي، رئيس اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي، والأستاذ أنور البرعاوي –عريف حفل الافتتاح، وأعضاء هيئة التدريس بقسم الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي، وعدد من المهتمين، وجمع كبير من طالبات القسم.
قطاع غزة والكارثة الإنسانية
وقد أوضح النائب المهندس الخضري أن موضوع الحصار أصبح من الموضوعات التي تحتل مكان الصدارة عندما تتجه الأنظار صوب قطاع غزة، وعرض عدداً من الحالات التي قضت بسبب الحصار، وحذر من مغبة الآثار النفسية الخطيرة التي يتركها الحصار على الأفراد خاصة الأطفال منهم.
وتحدث النائب الخضري عن الفعاليات المختلفة التي نظمتها اللجنة الشعبية لتوجيه أنظام العالم إلى الكارثة الإنسانية التي تلف قطاع غزة، وأكد أن تفاعل الأدوار على الساحة الفلسطينية والشعبية والإسلامية تنصهر في بوقعة واجدة تتجه لرفع الحصار عن قطاع غزة، وأشار النائب المهندس الخضري إلى النصب التذكاري الذي سيخلد شهداء الحصار والذين بلغ عددهم (102) شهيداً وفق أحدث الإحصائيات، وأشاد النائب المهندس الخضري بوقفة التضامن التي أبدتها قرابة (90) مدينة في العالم يوم الثالث والعشرين من شباط/فبراير الجاري للتضامن مع قطاع غزة المحاصر.
الحصار والإيجابيات
بدوره، وقف الدكتور شعث على جملة من الجوانب الإيجابية الناتجة عن الحصار، وأوصى بضرورة أخذها بعين الاعتبار، ومنها: أن وجود اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار والأنشطة التي قامت بها تجسد المعنى الإيجابي الذي يجب أن يتكاثف فيه أفراد الشعب، وتابع الدكتور شعث أنه من الإيجابيات التي أوجدها الحصار تعرف الإنسان على الحياة وسبر أغوارها، مبيناً أن الحياة ليست أمراً عادياً طبيعياً بل فيها من الصعاب والأزمات التي تواجه الإنسان، وذكر الدكتور شعث أن هذه الظروف تساعد الإنسان على أن يصبح أكثر إدراكاً لطبيعة الحياة من جانب، ويكثف ذاته وقدراته، ويحدد سبل استثمارها والاستفادة منها من جانب آخر.
وأوضح الدكتور شعث أن الجامعة الإسلامية تثبت يوماً تلو الآخر أنها تستحق المكانة التي تحظى بها في عقول الناس، وأثنى على تفاعل إدارات الجامعة المختلفة مع قضايا المجتمع، وعرضها بأشكال علمية وثقافية تؤكد دور الجامعة ومشاركتها المجتمعية.
انتهاك المثل الإنسانية
واستنكر الأستاذ الدكتور أبو دف انتهاك الحصار للمثل الإنسانية، لافتاً إلى تجذر وحيوية قيم الشعب الفلسطيني المستمدة من تعاليم الدين الإسلامي، وأشار الأستاذ الدكتور أبو دف إلى نشأة جيل فلسطيني قادر على التكيف مع الصعوبات وتحويل المحن إلى منح، وتحدث عن معايشة كلية التربية لقضايا المجتمع الفلسطيني، وتناول الأستاذ الدكتور أبو دف الالتحام الذي يبديه مركز الإرشاد النفسي تجاه تلك القضايا، وعرضها من منظور علمي، والمساهمة في تقديم الحلول خاصتها.
اللغة العلمية
من ناحيته، ذكر الدكتور قوتة أن قسم الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي أجرى عدداً من الدراسات العلمية بهدف اكتشاف الجوانب المتعددة للحصار، وتقديم نتائج وفق دراسات علمية، بحيث يتم توثيق تلك المرحلة علمياً، وصرح الدكتور قوتة أن النتائج التي انبثقت عن تلك الدراسات تم تسليمها إلى منظمة الصحة العالمية، ولجهات أكاديمية دولية، وأثنى الدكتور قوتة على التشجيع الذي يلقاه قسم الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي من قبل رئاسة الجامعة وكلية التربية.
جودة الحياة والأعراض النفسية
وكان الأستاذ الدكتور فؤاد العاجز –نائب عميد كلية التربية- ترأس جلسة العمل الرئيسة لليوم الدراسي، والتي قدمت إليها مجموعة من الدراسات العلمية، حيث عرض الدكتور سمير قوتة –نتائج دراسة علمية أجراها حول الحصار وعلاقته بجودة الحياة والأعراض النفسية، وذكر الدكتور قوتة أن الدراسة هدفت إلى معرفة مدى تأثير الحصار على المستوى الاقتصادي للأفراد في المجتمع الفلسطيني، والسلوك الاجتماعي، وجودة الحياة للأفراد، فضلاً عن تأثيره على الجوانب النفسية والاجتماعية.
وأفاد الدكتور قوته أن الدراسة بينت أن الحصار أثر سلباً على الجوانب الاقتصادية، حيث ذكر (68.4%) من المبحوثين أن دخلهم قَلّ، بينما ذكر (44.7%) أن عملهم توقف، بينما بيَّن (77.5%) من المبحوثين أنهم لم يستطيعوا إكمال أعمال البناء.
وبخصوص تأثير الحصار على الجوانب الاجتماعية أوضح الدكتور قوتة إلى (79.1%) اتجهوا نحو تقليل المجاملات الاجتماعية، وأن (76%) غيروا أسلوب حياتهم الاجتماعية، في حين أن (93%) تنازلوا عن بعض المتطلبات نتيجة الحصار.
الديناميات النفسية الروحية
وتناول الدكتور عبد الفتاح الهمص –الأستاذ المساعد في قسم الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي- الديناميات النفسية الروحية لمواجهة الحصار، مبيناً أن الفروقات بين الحق والباطل سنة اجتماعية وكونية مستمرة على مر العصور، وعرض الطاقات التي يبذلها أهل الحق لإقراره، وتحدث الدكتور الهمص عن مجموعة من الديناميات النفسية الروحية التي يمكن للمجتمع الفلسطيني الاستعانة بها للتغلب على الحصار، منها: علو الهمة في التوكل على الله، والصلابة والقوة النفسية، والصبر.
العوامل النفسية والحصار
بينما تحدث الأستاذ أنور البرعاوي –عضو هيئة التدريس بقسم الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي نتائج دراسة علمية حول بعض العوامل النفسية المرتبطة بالحصار لدى عينة من الآباء الفلسطينيين في قطاع غزة، وكشف الأستاذ البرعاوي أن الآثار الاقتصادية احتلت المرتبة الأولى من حيث التأثير على الفلسطينيين، تلتها الآثار الاجتماعية، فالآثار النفسية.
وذكر الأستاذ البرعاوي أن نتائج الدراسة أظهرت أن الفلسطينيين يعتمدون على أساليب التكيف الإقدامية المعرفية والسلوكية.
ودعا الأستاذ البرعاوي إلى تصميم برامج إرشادية تعزز أساليب التكيف الإيجابي والفعال مع المواقف الضاغطة، وتفعيل مركز الإرشاد النفسي في الجامعة الإسلامية وتطوير قدراته لتمتد خدماته للمجتمع الفلسطيني خاصة الآباء، وحث على غرس القيم الدينية، وزيادة الوعي الديني والوطني من خلال وسائل الإعلام، إضافة إلى إنشاء مراكز للإرشاد الديني، ورفع الروح المعنوية لدى الشباب والآباء الفلسطينيين.