شاركت الجامعة الإسلامية بغزة في الورشة الإلكترونية التي عقدها مركز السياسات ودراسات حل الصراع بالجامعة العربية الأمريكية حول واقع دراسات حل الصراع والمصالحة في فلسطين، ضمن أنشطة مشروع تعزيز الكفاءة الوطنية في أبحاث حل الصراعات والمصالحة” الممول من الاتحاد الأوروبي، والذي يتم تنفيذه بالشراكة مع كل من: جامعة الخليل، الجامعة الإسلامية بغزة، جامعة فريدريك شيلر، وجامعة غرناطة.
وحضر افتتاحية الورشة كل من: الدكتور نضال الجيوسي- الممثل لبعثة التعاون الفلسطيني الأوروبي للتعليم العالي (إراسموس +) في فلسطين، والأستاذة رولا شهوان- منسقة المشروع ومديرة مركز السياسات ودراسات حل الصراع بالجامعة العربية الأمريكية، وجمع من الأكاديميين والباحثين وممثلي المراكز والمؤسسات البحثية والأكاديمية، ولفيف من المهتمين والمعنيين.
من جانبه، أكد الدكتور الجيوسي في حديثه خلال الورشة على أهمية وجود أنشطة نوعية تعزز قدرات وأهمية البحث عند الطلاب والأكاديميين في الجامعات الفلسطينية، مشيرًا إلى ضرورة تعميم هذه التجارب والبرامج على المؤسسات المجتمعية وليس فقط الجامعات، مبينًا أهمية الكتيب الذي يعمل على تحضيره المشاركين في المشروع، الذي سيتم استخدامه في التدريبات التي ستجرى حول كيفية البحث في أسس حل الصراع والمصالحة، وشكر الدكتور الجيوسي طاقم المشروع وجهودهم المبذولة في تحقيق المخرجات.
وفي القسم الثاني من الجلسة، تحدث الدكتور بلال الشوبكي- من جامعة الخليل، عن البحث الذي أشرف عليه فريق جامعة الخليل، موضحًا الدور الذي قام به فريق العمل في جمع المعلومات والبحث في الجامعات والمؤسسات والمراكز عن الدراسات والأبحاث المنشورة سابقاً حول حل الصراعات والمصالحة، وذلك من أجل دراسة النقص والفجوة في هذا المجال والعمل على الخروج بتوصيات لسد هذه الفجوة.
وأشار الدكتور الشوبكي إلى أنه تم تقسيم عملية البحث التي جرت إلى ثلاثة أقسام: قسم عملت عليه الجامعة الإسلامية في غزة في منطقتها، وقسم الوسط وشمال الضفة بقيادة الجامعة الأمريكية، أما جنوبي الضفة ومنطقة القدس فقد عمل عليه فريق جامعة الخليل، وبين المنهجية التي عمل الفريق من خلالها على تحليل الدراسات والأبحاث، بحيث تم التركيز على اللغة، المقارنة العددية بين الدراسات وفقاً للتقسيم الجغرافي، بالإضافة إلى الحقل الأكاديمي الذي أجريت هذه الدراسات من خلاله (اجتماعي، سياسي، اقتصادي، ثقافي، قانوني..)، بالإضافة إلى دراسة ما إذا كان هناك تمويل لنشر هذه الأبحاث أم لا.
واستعرض الدكتور الشوبكي مخرجات هذا البحث، حيث تناول حساسية مصطلح حل الصراعات في الأوساط الفلسطينية، مؤكداً على أهمية إعادة تعريف المصطلح بشكل أفضل وعدم التركيز على الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي فقط. وقد تم التوجه إلى ستة عشر مركزاً بحثياً، إضافة إلى الجامعات الفلسطينية، بحيث توصل الفريق إلى أن معظم الدراسات كانت باللغة العربية، مؤكداً على أهمية العمل على تعزيز البحث والنشر باللغة الإنجليزية، وذلك لإيصال الأفكار والأبحاث لدول العالم، حيث أنها لا تتجاوز 7%. بالإضافة إلى ذلك، أوضح أن هناك دراسات مترجمة عن اللغة العبرية. أما بناء على التصنيف الجغرافي، فقد وجد الفريق أن أكثر الدراسات كانت نابعة من منطقة الوسط، وهذا يعطي مؤشراً على أن كل من جنوب الضفة وشمالها وقطاع غزة لازالت لا تحظى على الدعم الكافي للخروج بأبحاث أكاديمية، داعياً الدكتور نضال الجيوسي إلى دراسة الوضع وتقديم الدعم للمؤسسات من أجل سد النقص.
وانتقل الحديث في الورشة للأستاذ الدكتور وليد المدلل- من الجامعة الإسلامية، ليشرح التحديات التي واجهها فريقه في العمل، مستهلاً حديثه عن المشكلة في فهم مصطلح حل النزاع، والذي يعتبره الكثير مصطلح حامل لأجندات غربية، خاصة وأن هذا المصطلح ازدهر بعد توقيع اتفاقيات أوسلو والمفاوضات التي ترجح الكفة لمصلحة إسرائيل والتي تدعمها الدول الغربية.
وأكد الأستاذ الدكتور المدلل أن فريقه قد عمل على جمع المعلومات من العديد من جامعات قطاع غزة وهي الجامعة الإسلامية، جامعة فلسطين، جامعة الأزهر والقدس المفتوحة، بالإضافة إلى العديد من المؤسسات. وكان من ضمن العمل لدى الفريق التركيز على الجانب السياسي أكثر من الجوانب الأخرى، وأوضح أن سبب عدم توافر الدراسات الكافية في قطاع غزة هو حداثة الموضوع، بالإضافة إلى عدم توافر مراكز متخصصة في قطاع غزة تهتم بالمصالحة وحل النزاع. وأشار إلى عدم وجود أية خطط لدى الجامعات لتطوير هذا الجانب، إضافة إلى أن الموضوع متداول بشكل أكثر في الغرب وبالتالي فإن اللغة تقف عائقاً أمام تفعيل هذا الاختصاص، مؤكداً على ضرورة إنشاء مركز مختص للبحث في حل النزاعات، وتمكين كادر متخصص خاص بالمركز، بالإضافة إلى تعزيز التخصصات من ماجستير ودكتوراه في حل النزاعات والمصالحة.
من جانبه، بدأ الدكتور أيمن يوسف- من الجامعة العربية الأمريكية، بشرح الإستراتيجية والتوصيات التي خرج بها فريق العمل، متفقاً مع التحديات والتوصيات التي تقدم بها كل من الدكتور بلال والأستاذ الدكتور المدلل، ومؤكداً على ضرورة التركيز على تطوير الكادر الفلسطيني للعمل في تخصص حل النزاعات والمصالحة، وليس فقط الاعتماد على المساعدات من الكوادر الأجنبية، بالإضافة إلى العمل على تطوير جهود الباحثين الفلسطينيين بالتعاون مع باحثين أجانب. وأكد على أن التحرك مستقبلاً يجب أن يكون على مرحلتين: قصيرة المدى، والتي سيتم العمل فيها على تطوير قدرات الكادر الأكاديمي وطلبة التخصص من الناحية الثقافية، الاجتماعية، الإنسانية، الاقتصادية، والقانونية، مشيراً إلى إمكانية تقديم المساعدة من خلال مركز حل الصراعات في الجامعة الأمريكية والذي تم فيه إنتاج حوالي 25 أطروحة. وأكد على أهمية العمل على تطوير المفهوم من منظور فلسطيني والذي يختلف عن الصراعات الداخلية الأخرى في العالم والتي كانت على شكل حروب أهلية، بحيث أن الحالة الفلسطينية هي حالة تحررية وصراع مع الاحتلال أدى للانقسام الداخلي. وأشار الدكتور يوسف إلى أن الخطوة القادمة هي العمل على إعداد الكتيب الذي سيستخدم لتطوير القدرات البحثية.
ودعا المشاركون في الورشة إلى ضرورة اهتمام وزارة التعليم بمجال البحث، حيث يتم العمل على إعداد مكتبات ومراكز أبحاث، وبرامج تخصصية على مستوى الماجستير والدكتوراه أو حتى على مستوى المساقات، إلى جانب ضرورة العمل على تطوير كتابة منهجية البحث العلمي، وذلك بسبب وجود خلل عام عند الطلاب في مجال كتابة البحث.
وأكد الدكتور الأستاذ سمير زقوت- نائب مدير مركز الميزان، على مشكلة البحث عند الطلاب، ومشكلة إعداد باحث الباحثين في الجامعات والذي يجب أخذها بعين الاعتبار، وخاصة قدرات التفكير النقدي، والمنهجية العلمية، والثقافة، بالإضافة إلى تعزيز المسؤولية وأخلاقيات البحث العلمي، التركيز على أهمية تعليم مهارات الأخلاق في البحث العلمي، لمعالجة الانتحال العلمي والسرقات لأبحاث وجهود الغير.
ومن ناحية أخرى، أشار الدكتور رائد نعيرات- من جامعة النجاح، إلى ثلاث قضايا، هي: أن هناك مشكلة غربة مصطلح حل الصراع، أما الإشكالية الثانية فهي طريقة فهم المصطلح، والذي يقتصر على المفهوم الغربي، بحيث لم نستطع حتى الآن أن نبلور الفهم الفلسطيني أو حتى العربي لمفهوم حل الصراع. أما القضية الأخرى فهي وحدة التحليل عندما نتحدث عن أبحاث حل الصراع، فنجد أن الأبحاث معظمها سياسية، حيث أن وحدة التحليل ليست أدوات ومنهجية لحل الصراع، بل إنها دراسات كيفية أي يجب الالتزام بالإطار النظري، والذي يحتوي أيضاً على إشكالية.
وأوصى الدكتور نعيرات بدراسة النظريات والعمل على فهمها من أجل استخدامها في أبحاث حل الصراع لمحاولة بلورة إطار فلسطيني قادر على أن يوظف النظريات الخارجية في إطار عام يستطيع منه الطالب الفلسطيني أن يسقطه على البحث في مجال حل الصراع.
وأثنى الدكتور محمد هادية- المستشار القانوني في دائرة المفاوضات، على جهود العاملين في المشروع، واقترح التواصل مع دائرة المفاوضات للحصول على حوالي (80) وثيقة في قضية الصراع لم يتم نشرها بعد، وأشار إلى إنشاء أول مركز في القدس لحل النزاعات ليركز على جانبين، هما: التدريب، حل النزاعات، التفاوض، والتحكيم، كما يركز المركز على الجانب الأكاديمي، وذلك بسبب ضعف الاهتمام بهذا المجال على مستوى الجامعات، وأكد على فكرة المشاركة بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية، وأن تكون هذه الشراكات قائمة على الاستمرارية وليس فقط في إطار مشروع مؤقت.
ولفت الأستاذ هاني سميرات- من مؤسسة تعاون، إلى إشكالية فهم المصطلح، مؤكداً على ضرورة التوافق على مفهوم فلسطيني، وأشار إلى اختلافه مع طريقة تصنيف الأبحاث ضمن حل الصراع وإدارته ، واعتبر أن هذا الأمر يحتاج إلى خبراء ومختصين، وأيضاً أن هناك إشكالية في فكرة حل النزاع، حيث أن هناك نزاعات لا يتم حلها، فيجب من هنا التركيز على الآثار التي تنشأ عن هذه النزاعات، وأن مدرسة حل النزاع هي مدرسة ضعيفة، وهناك مدارس أخرى وهي حل النزاع وتحويل النزاع يمكن أن يتم أخذها بعين الاعتبار. بالإضافة إلى توطين مفهوم جديد لحل النزاع في فلسطين بعيدا عن فكرة الحل العشائري، والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وبين الدكتور إياد أبو زنيط- من مؤسسة يبوس، أنه يجب التركيز على الدراسات المستقبلية، وموضوع الشراكة بين المؤسسات والمراكز البحثية المتخصصة لأنها أقرب للواقع والجمهور، وقال:” من هنا نستطيع تطوير الباحث النظري الأكاديمي ودمجه بالباحث العملي”، وأكد أنه يجب رقمنة وتوثيق ونشر الأبحاث التي تكتب في هذا المجال.
وقدمت الأستاذة لميس الشعيبي- من مؤسسة مفتاح، نقطتين جديدتين، وهما التركيز على قضايا المرأة ودورها في عمليات الأمن والسلام، وطالبت إبراز قضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في الأبحاث، وأكدت جاهزية مؤسستها للمساهمة في تقديم المعلومات الخاصة بموضوعي مشاركة المرأة، والانقسام الفلسطيني.
ونوه الدكتور كمال الأسطل- من قسم العلوم السياسية في جامعة الأزهر، إلى أن هناك العديد من المداخل للصراعات يجب دراستها مثل المدخل الجغرافي، المدخل الاقتصادي، والمدخل السوسيولوجي،…الخ، وأكد على ضرورة استخدام النظريات التي تدرس الصراعات وإدارتها وحلها مثل: نظريات المفاوضات، نظرية المصالح المشتركة، نظرية إدارة النزاعات، نظريات المصالح المشتركة، وذلك لإنشاء مراكز بحثية متخصصة يمكن من خلالها دراسة حل الصراعات من كافة النواحي السياسية، المجتمعية، الاقتصادية.
ومن ناحيته، وتحدث الدكتور أحمد شهاب- من الجامعة الإسلامية، عن ضرورة فهم ماهية النزاع قبل تحديد الطريقة التي يمكن حله بها، مبينًا أن هناك عدة وسائل مثل التحكيم، والمفاوضات، أي هل النزاع وطني، سياسي، اقتصادي، ثقافي، وفي موضوع تظافر الجهود أكد أنه لا يمكن تحقيق الشراكات بشكل مثري بدون إسناد من الدولة.
وأنهى النقاش الدكتور إياد الدجاني- من جامعة فريدريك شيلر، مؤكداً أن هناك مشكلة لدى طلاب الدكتوراه في تطبيق الدراسات، حيث أن الطلاب خاصة العرب يعتمدون على استخدام نظريات لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، منوهاً إلى أن هذه المشكلة يجب حلها.