مَلِكَاً يمشي بخطى الواثق بلا قدمين, يعانق تفاصيل الحياة بنصفي ذراعين, ترتسم على شدقيه ابتسامة لا تفارق قلبه أملاً .
لم تصل ولادة يوسف أبو عميرة (19) عاماً من مخيم الشاطئ بغزة بلا ساقين وبلا ساعدين حد الصدمة بقدر ما كانت عليه من مفاجأة استقبلها والداه بصبر وإيمان” ولادتي على هذه الهيئة هي من رحمة الله لأتأقلم مع وضعي ومواصلة حياتي منذ اللحظة الأولى”.
لم يلتحق يوسف كغيره من الأقران برياض الأطفال؛ حرصاً على مشاعر طفولته فدأبت أمه على تعليمه الحروف والأرقام, ويقول واصفاً بداياته في التعلم :” كنت أمسك القلم بين خدي وذراعي وأحاول رسم الأرقام, ثم أحست أمي باهتمامي وعلمتني”.
أما أبوه الذي رفض إرساله لمؤسسات تختص برعاية ذوي الإعاقة بعد زيارة إحداها وتأثر يوسف بمن فيها سلباً, فألحقه بمدارس غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، ويتابع :” نوبات من الحزن كانت تنتابني وأنا أشاهد الطلاب يكتبون ولا أفهم ما يكتب, لكن إصراري ومساعدة المعلمين لي كانا أكبر حافز للنجاح والمثابرة “.
كما يمارس حياته معتمداً على نفسه كأي إنسان، يكتب، ويستخدم الحاسوب والهواتف الذكية، ويتناول طعامه بطرفي عضديه, مستدركاً حديثه عن مهارات رياضية اعتبرها “إلهاما ” من الله لم يخضع فيها للتدريب” ألعب الجومباز، وأجيد السباحة، والتنقل على الطاولات الصغيرة وغيرها في المنزل “.
وعلى الرغم من عدم التحاقه بأندية, شارك يوسف الذي يدرس الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية, في مهرجان المواهب الذي أطلقته الجامعة العام الماضي بعد تشجيع من عمادة شئون الطلبة التي حققت له الشهرة، ومنحته الثقة أكثر بقدراته بحسب تعبيره.
شعاع من بريق التميز ينبعث من عيني يوسف وهو يتحدث عن جامعته التي منحته كل التسهيلات، ووفرت له منحة للدراسة, ويضيف:” على الرغم من انتقادات البعض لدراستي هذا التخصص إلا أن تشجيع أساتذتي لي كان دافعاً لأكون طالباً متميزاً في مجالي، إلى جانب مركز التقنيات المساعدة في عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر الذي يوفر لي كافة الإمكانات لأواصل مسيرتي”.
ويطمح أبو عميرة لاستئناف الدراسات العليا في تخصص الشريعة, كما يرغب في تطوير مهاراته في السباحة بما يمكنه من المشاركة في عروض عربية ودولية.